*من الجمعة إلى الجمعة*
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة
*العدد (30)*
*سؤال رقم (1): من السعودية.*
شخصٌ تعتريه أفكارٌ شيطانيّة بخصوص التشكيك في الذات الإلهيّة ، ويشعر بالذّنب من حالته الخارجة عن آرادته حتى يبكي على نفسه من شدّة تأنيب الضمير بسبب هجوم هذه الأفكار عليه ولا يرى سبيلاً للتخلّص منها رغم المحاولة…
برأيكم كيف نستطيع علاجه؟
*الجواب:*
إنّ التفكّر في الذات الإلهيّة حرامٌ إذا كان اختياريًّا، لأن العقل البشري عاجز عن إدراك ذاته (سبحانه وتعالى)، فإذا أخذ الإنسان بعقله المحدود يفكّر في ذات الله جعل نفسه مُعرَّضًا للسقوط في وحل الشيطان وهو الكفر والإلحاد. فمن الواجب الإكتفاء بأدلة وجود الله ووحدانيّته من خلال الفطرة والأدلّة العقليّة المنفتحة على البراهين القرآنيّة وما أتى به النبيّ وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام).
وأمّا بالنسبة لحالة هذا الشخص والتي هي نوع من الوسواس القهري فهو معذور فيه إنْ شاء الله، لذا عليه أن لا يُشعِر نفسه بالذّنب وإنّما يهتم بالخطوات العلاجيّة التالية:
*1/* أن يلقّن نفسه بأن تلك أفكار هي من إيحاء الشيطان، فليستعذ بالله من هذا العدوّ المبين بكثرة تلاوة سورة (الناس).
*2/* حينما تعتريه الحالة.. يجب عليه تغيير مسار فكره إلى فكرٍ إيجابيٍّ بديل.
*3/* ينبغي له أن يجلس مع مَن له القدرة على إثبات وجود الله له بالأدلة العلميّة وبالأمثلة الحسّية والموعظة الروحيّة حتى يصل درجة الإطمئنان العقلي والروحي بوجود الله -عزّ وجل- ثم يزداد معرفةً به وحُبًّا له وقربًا إليه من خلال العبادة وخاصةً صلاة اللّيل وعبر الأدعيّة وأفضلها كتاب الصحيفة السجاديّة.
*4/* لإزالة تأنيب الضمير الذي يصيبه جرّاء ذلك.. عليه أن يكرّر -صباحًا وعند الظهيرة ومساءً ولعشر مرّات مثلًا لكلٍّ من الأوقات المذكورة- قوله تبارك وتعالى: (أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
وليكن حاله أثناء قراءة هذه الآية الكريمة حال المُلتمِس منه تعالى واللائذ إليه.
*5/* أن يُكثِر ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل. ويقرأ أيضًا هذا الدعاء المأثور عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعوذُ باللهِ مِن الشّيطانِ الرّجيم آمنتُ باللهِ وبرسولِه مخلصًا له الدّين».
*سؤال (2): من البحرين.*
كنتُ مسافرة وكانت صلاتي قصر ولكن آخر صلاة وبسبب سفر العودة إلى بلدي ما استطعتُ أن أصلّيها هناك، فهل أصلّي القضاء قصرًا أم تمامًا؟
*الجواب:*
تصلّينها تمامًا إذا كنتِ وصلتِ إلى بلدك والوقت لازال باقيًا ولو بمقدار القيام بها. وأما إذا كان وقتها منتهيًا حين الوصول فتصلّينها قصرًا.
*سؤال رقم (3): من أمريكا.*
ما معنى الكفؤ المطلوب في اختيار الزوج أو الزوجة؟ إحدىٰ قريباتي صاحبة مؤهّلات علميّة ومهنيّة رفضتْ الزواج من شابٍّ بحجّة أنه لا يملك شهادةً جامعيّةً عاليةً مثلها؟
*الجواب:*
كثيرون لا يملكون شهادات جامعيّة وهم ناضجون في الحياة حكيمون في التصرّف جذّابون في المواقف، وكثيرون يحملون شهادات جامعيّة عُليا وهم فاشلون في العلاقات الزوجيّة.
هذا الواقع يدل على أنّ الزوج الكفؤ هو من يمتلك “الأخلاق والدّين” بالمعنى الصحيح لا بالمعنى القشري المتخلّف، وليس الكفؤ هو مَن يحمل الشهادة الجامعيّة أو لا يحملها. أنا أعرف مهندسًا رفيع المستوى، تعاني منه زوجته الدكتورة أيّما معاناة، تقول أنه يشرب الخمر بغضب، ولا يعطي أهمّيةً بأمور البيت وتربية الأطفال، وإذا نصحتُه هاجَمَني بالضرب والسبّ!!
*سؤال رقم (4): من البحرين.*
أرجو مساعدتي، فأنا أكاد أستجنّ من أثر السّحر الذي دمّرني به أحد الحاقدين عليّ.. قُل لي شيخنا العزيز.. كيف تكون طريقة إبطال ذلك؟
*الجواب:*
إقرأ يوميًّا لمدة خمسة أيّام سورة البقرة. وفي نفس الأيّام أيضًا إقرأ الآيات 54 و55 و 56 من سورة الأعراف أربعة عشر مرّة قبل النوم وأربعة عشر مرّة عند الاستيقاظ. بداية تلك الآيات (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّه…) ونهايتها (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
هذه ليست رواية بل هي مما جرّبها أحد كبار العلماء الأجلّاء مستفيدًا من التوجيهات العامّة للآيات والروايات، وقد أجازني في نشرها لتعميم الفائدة بإذن الله تعالى. وقال ناصحًا بقراءتها حتى لغير المسحور كي يتنظّف من أيّ عالقٍ نفسي.
*سؤال رقم (5): من الكويت.*
أنا من أسرةٍ ملتزمة ومُنقسِمون من ناحية التقليد بين السيد فضل الله والسيد الخامنئي والمرحوم السيّد الخوئي، وأنا أقلّد السيد المدرّسي، وزوجتي تقلّد السيد الشيرازي.. وشقيقي يقلّد السيد السيستاني (وبين قوسين زوجته من إخواننا أهل السنة)!!
هذا الكشكول البالغ عدده قرابة الثلاثين شخصًا بين كبير وصغير نجتمع في ظهر كل جمعة بيت المرحوم والدي ونتغدّى مع والدتنا الطاعنة في السنّ. أمورنا طيّبة ولله الحمد ولكن ما إن يذكر أحدنا خبرًا عن الخامنئي أو الشيرازي حتى تشتعل النقاشات وتصل إلى صراخ وزعل وقطيعة قد تمتد شهرًا أو شهرين.. سؤالي يا سماحة الشيخ هل يوجد حلّ لهذه الأزمة التي أتعبت الشيعة بالحقد والبغضاء؟
*الجواب:*
الحلّ هو أن يرفع كلُّ شيعيٍّ مستوى إرادته إلى العمل بهذا الحديث الشريف الذي رواه خَيْثَمة الجُعفي قال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ -أي الإمام الباقر- (عليه السَّلام) أُوَدِّعُهُ. فَقَالَ: “يَا خَيْثَمَةُ ، أَبْلِغْ مَنْ تَرَى مِنْ مَوَالِينَا السَّلَامَ ، وَ أَوْصِهِمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَظِيمِ ، وَ أَنْ يَعُودَ غَنِيُّهُمْ عَلَى فَقِيرِهِمْ ، وَ قَوِيُّهُمْ عَلَى ضَعِيفِهِمْ ، وَ أَنْ يَشْهَدَ حَيُّهُمْ جِنَازَةَ مَيِّتِهِمْ ، وَ أَنْ يَتَلَاقَوْا فِي بُيُوتِهِمْ ، فَإِنَّ لُقِيَّا بَعْضِهِمْ بَعْضاً حَيَاةٌ لِأَمْرِنَا ، رَحِمَ اللَّهُ عَبْداً أَحْيَا أَمْرَنَا. يَا خَيْثَمَةُ: أَبْلِغْ مَوَالِيَنَا أَنَّا لَا نُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِلَّا بِعَمَلٍ ، وَ أَنَّهُمْ لَنْ يَنَالُوا وَلَايَتَنَا إِلَّا بِالْوَرَعِ ، وَ أَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَصَفَ عَدْلًا ثُمَّ خَالَفَهُ إِلَى غَيْرِهِ”.
ثِقْ يا أخي الكريم لو أنّ المشتغلين بفتنة الخلافات كانوا يشتغلون بتطبيق مثل هذه الرواية الشريفة لكانت أحوالهم طيّبة للغاية، ولكنّ الله ضرب على رأسهم لمّا اختاروا التعصّب لمراجعهم على حساب توجيهات أئمّتهم الأطهار (عليهم السلام). وهذا هو قول ربّنا -عزّ وجل- في محكم كتابه المجيد: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
*سؤال رقم (6): من البحرين.*
ما هو الحكم الشرعي في بيع وشراء التربة الحسينيّة. لأن هناك أحد الخطباء يقول أنّ بائعها كالآكل من جسد الإمام الحسين (عليه السلام)؟
*الجواب:*
إمّا هذا الخطيب لا يفهم، وإمّا الذي سمعه لم يفهم قصده.. أليس بيع وشراء التربة الحسينية كان يتمّ على مرأى ومسمع مراجع الدين والعلماء في النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة طوال قرون من الزمن؟! فلماذا لم يفتوا بالحرمة. وكيف يكون حرامًا والحال أنّ الذي جمع التراب من أماكن خاصة ثم أتى به وحوّله إلى قوالب على هيئة التربة وحملها إلى السوق لبيعها على المصلّين قد بذل وقتًا وجهدًا كبيرًا ليسترزق لنفسه وعياله، فهل يُعقَل أن تأخذها منه بلا مقابل؟!
*سؤال رقم (7): من اليمن.*
هــل يجوز للأخ الأكبر أن يضرب إخوانه الصغار للتأديب إذا لم ينفع معهم الكلام وكان الضرب هو الوسيلة الوحيدة لردعهم عن الشيء السيّئ. طبعًا مع مراعاة عدم ظهور الإحمرار أو اللون الأزرق على الجلد؟
*الجواب:*
قبل كلّ شيء ينبغي الإهتمام بصحة الأطفال النفسيّة وتلبية احتياجاتهم التعليميّة والمعيشيّة كي ينموا بعيدين عن الميل إلى المساوئ. وأمّا في الحالة المذكورة فلا بأس بالضرب باعتبار الأخ الأكبر معلِّمًا ناصحًا لا باعتباره مجرّد أكبر، وبشرط عدم الإضرار بهم إلى حدّ الدية الشرعيّة. ثم وعلى المعلِّم الضارب هنا أن يتأكّد من النتيجة الإيجابيّة لفعله ويسعى  إلى البحث عن أساليب أخرى للتربية كي يتوازن من جهة ولا يتحوّل الضرب إلى أصلٍ في التعامل.
*سؤال رقم (8): من البحرين.*
ما هي صدقة السرّ وشروطها؟ وهل نحصل على الثواب عبر تسليم صدقاتنا إلى جمعيّة خيريّة أو بواسطة أشخاص نثق في ظاهرهم؟
*الجواب:*
صدقة السرّ هي إعطاء الفقير من دون أن يعرف عنك أحدٌ من البشر وحتى الفقير نفسه، كما كان أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) وبعض الصالحين حيث كانوا يقصدون أبواب الفقراء متنكّرين بلثامٍ ونقاب. ومن شروط قبولها عند الله إخلاص النيّة وأن يكون المال من حلال.
وأمّا توسيط الجمعيّات الخيريّة أو الأشخاص الأمناء فلا يضرّ بأصل الثواب إن شاء الله، ولكن ثواب السرّ أكثر، إلا إذا كان سبب الرجحان هو تشجيع الناس على دفع الصدقة، وهنا يكون الإعلان أفضل من السرّ. والله العالم.
√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.
للاعلى