*من الجمعة إلى الجمعة*
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة

العدد (22)

*سؤال رقم (1): من البحرين.*

ما حكم رقص النّساء أمام النّساء في الأعراس؟ وما حكم الغناء والموسيقى فيها؟

*الجواب:*

إذا ما كُنّ بملابس خليعة.. وما كان الرّقص مثيرًا بينهنّ للشهوة.. وما كان هنالك غناء تُستَخدَم فيه آلات الموسيقى.. ولا يُشاهِدهُنّ رجالٌ ولا سَفَلة عبر ثقوبٍ وكاميرات خفيّة.. ولم تكن في الجمع ابتذالٌ وميوعة.. هنا لا إشكال ولا حرمة!!

وأمّا الغناء فحرام إذا اشتمل على ألفاظ مثيرة للغرائز الشَّهَويّة. وتشتدّ حرمتُه إذا اختلطتْ معه الموسيقى.. وإنّما الحلال في ليلة العرس هو الضرب على الطبل العادي مقرونًا بقراءة أشعار تشتمل على مدائح النبيّ وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسلام)، أو وصف الطبيعة وقِيَم المحبّة وطلب السعادة والهناء للعروس والعرّيس وللحاضرات مثلًا. مع تصفيق خفيف!

ولا يليق بأيّ مسلمٍ ومسلمة في حفل الزواج الذي تحضره الملائكة أن يخرّبا هذا الحفل المبارك بممارسة المعاصي وخاصّةً معصية الخلط بين الرجال والنساء وهي أعظم. فإنّ من الثابت عندنا -باعتبارنا نتابع قضايا الناس الذين يشاوروننا في مشاكلهم الأسريّة- وجود تلك المعاصي في بعض الأعراس -مع الأسف- ما يجعل الملائكة تغادر الحفل وتتركه لشياطين الجنّ والإنس. وبذلك ستذهب البركة من تلك الزيجات وتبدأ الأزمات والخلافات بالتدريج حتى تنتهي إلى التباعد النفسي ثم الطلاق الفعلي، أو يولد لهم أطفال يكونوا وبالًا عليهم وعارًا على المجتمع. والشواهد لكثرتها خارجة عن دائرة الإحصاء.

*سؤال رقم (2): من السعودية.*

أحد أقاربي متورّطٌ في أزمة ماليّة شديدة، يلحّ عليّ أن أطلب له قرضًا من البنك بمبلغٍ كبير ليعالج به أزمته. وأنا أخشى أن أقترض له فيعجز عن التسديد فأقع أنا أيضًا في أزمةٍ مجهولة العواقب. بماذا تنصحني شيخنا؟

*الجواب:*

الشخص الذي يمرّ بأزمةٍ خانقة تمنعه أزمتُه عن التفكير السليم، فهو لا يفكّر إلّا في تخليص نفسه فورًا ثم لكلّ حدثٍ حديث!!

فانطلاقًا من هذه الآية الكريمة: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتَْ) أرى أنّ التعامل الأفضل معه -في فرض سؤالك- هو عدم الإستجابة له مادمتَ تحتمل قويًّا عجزه في التسديد وتوريطك وأسرتك معه. ولكن في الوقت نفسه يجب عدم تركه وخاصةً إذا كان عزيزًا عليك.. فإنك إنْ دفعتَ عنه كَربَه فقد كسبتَ مِن الله أجرًا كبيرًا تحتاج إليه ليومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم.

فالمطلوب إذن هو الحلّ التالي:

بأن تدعو العقلاء من أهلك وأصدقائك بحضور الشخص نفسه للبحث عن مساعدته نفسيًّا وفكريًّا وعمليًّا كي يخرج من أزمته بأقلّ الخسائر وأفضل الضّمانات. فإنّ “أعقل الناس مَن جَمَعَ عُقولَ الناس إلى عقله”.

*سؤال رقم (3): من سلطنة عمان.*

لأوّل مرّة أتوفّق لسفر الحجّ بعون الله هذه السنة، ولكن سمعتُ أنّ تكاليف سفري يجب أن تكون من مالٍ مُخمَّس وإلا بطل حجّي. هل هذا الكلام صحيح؟ علمًا أنّني لم أخمِّس طول حياتي.

*الجواب:*

الحمدلله على توفيقك للحجّ، وهو سيُكسبُك خيرًا كثيرًا -إن شاء الله- ومنه التعويض المالي على ما تصرفه من مالك الذي طهّرتَه بما فَرَضَه الله عليك من خُمسٍ سيذهب لتقوية دينه ودعم مشاريع الخير بين الناس ومساعدة الفقراء.
فماذا يمنعك عن أن تكون شريكًا في أجر هذه الأعمال الصالحة، وتخميسك لمالك مُكمِّلٌ لحجّك ويصبّ في أهداف الحجّ ومقاصده العظيمة؟!

فإذا اقتنعتَ بجوابي وقرّرتَ دفع خمسك -وهو 20% – إحذر أن تعطيه بيد عالِمٍ لا حكمة له في صرف المال الشرعي في موارده الشرعيّة. هذه مشكلة كثير من المؤمنين الذين ضاعتْ أموالهم بأيدي مَن لا يحسنون التصرّف. وإذا كان المخمِّس متهاونًا في البحث عن المستلم الأمين يفتي الفقهاء بعدم براءة ذمّته وكأنه لم يخمِّس.

*سؤال رقم (4): من البحرين.*

رجلٌ استأجر منّي محلًّا لبيع أشياء مثل السّبحة وما أشبه، ثم ترك المحلّ بما فيه وقال لي: شهريًّا لك منّي 30 دينارًا. واليوم قرابة ثمان سنوات ذهب ولم يعُد ولم يدفع لي ما وعدني، وكلّما أتصل على هاتفه لا يردّ. فهل يجوز لي أن أبيع ما في محلّي من أغراض وآخُذ حقّي من الإيجارات المتراكمة عليه؟

*الجواب:*

بدايةً يجب عليك أن تبحث عن صاحبك (المستأجر) إلى حدّ اليأس عن الوصول إليه، وهنا ينطبق على تلك البضاعة حكم مجهول المالك فيمكنك القيام ببيعها وأخذ حقّك من ثمنها وإعطاء الباقي منه إلى المرجع الذي تقلّده أو وكيله ليتمّ التصالح الشرعي معه. ومن الأفضل أن تُشهِد على ذلك شهودًا عدولًا تستند إليهم إذا رجع صاحب البضاعة يومًا.

*سؤال رقم (5): من العراق.*

برأي سماحة المرجع السيستاني (دام ظله) هل يجوز الإستماع إلى عزاء اللطميّة الممزوجة بصوت الموسيقى؟

*الجواب:*

أرسلنا سؤالك إلى مكتب سماحة السيّد (حفظه الله وجميع مراجعنا الكرام) فجاءنا النصّ التالي: “إذا لم تکن الموسیقی مناسبة لمجالس اللّهو واللّعب فالاستماع جایز”.

ولنا تعقيب، فإنّ الأفضل الإقتصار على صوت الرادود الشجيّ بأداءٍ حزينٍ ومُبكي. هكذا كان يحبّ أهل البيت (عليهم السلام) أن تُحيا ذكرى مصائبهم، ونحن نلتزم بما يحبّون ونتجنّب اللطميّات التي هي أشبه بالرّدح والطرب واستعراض الألحان.

*سؤال رقم (6): من البحرين.*

هل يجوز لي الإقتراض من البنك والقبول بالأرباح الربويّة التي يأخذها منّي وأنا أريد به مساعدة الآخرين بإقراضي لهم من ذلك المال ولكن من دون أخذ الرّبح منهم، أو أن أدفعه لمشاريع خيريّة كقرضٍ حَسَن؟

وبعبارة أخرى شيخنا العزيز:
أيّهما أفضل.. الإمتناع عن الدخول في مثل هذه المعاملة الربويّة أو مساعدة المحتاجين بها والأمور الخيريّة؟
أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

*الجواب:*

لا يجوز الإقتراض من البنك الربويّ إلا في حال الضرورة القصوى. ولكن هل الإقتراض الرَّبَوي لإقراض المحتاجين أو المشاريع الخيريّة من موارد الضرورة القصوى؟
فهذا يحتاج منك إلى دراسة الأهمّ والمهم ثم شرح ذلك للمرجع الذي تقلّده طلبًا للإذن الشرعي منه إذا اقتنع بالحالة. وهذا ممكن أيضًا عبر وكيله العالِم الواعي لمنطلقاتك وحيثيّات عملك.

*سؤال رقم (7): من الدنمارك.*

شيخنا.. كتب الله علينا أن نعيش لاجئين بين الأوروبّيين، وكما تعلمون -وشاهدتم فترة إقامتكم هنا في التسعينيات- إنّ من الصعب العيش في هذا البلد بلا تأقْلُم وهذا حرام.. فماذا نصنع مع ظاهرة المصافحة والخلط والنظر والإعلانات الخلاعيّة في الشوارع وصعوبة الطهارة والنجاسة وخاصة في موسم الأمطار في وسائل المواصلات، وكذلك الأكلات التي قد تكون من زيت الخنزير أو مذبوحًا على غير الطريقة الإسلامية؟

*الجواب:*

ما ذكرتم في سؤالكم هو السبب كان وراء مغادرتي الدنمارك في سنة 1993 بعد إقامتي فيها من سنة 1988. بالفعل هذا صعبٌ جدًّا ولاسيّما لمن لديه أطفال مُعرَّضون للمسخ الثقافي والتحلُّل في ثقافة تلك المجتمعات. من هنا حرّم الفقهاء (التعرُّب بعد الهجرة) وهو الإقامة في بلد يخسر فيه المهاجر دينه ولديه بلدٌ آخر يمكنه الإلتزام الدّيني فيه.

هذا كان في تلك السنوات وأما الآن فحسب علمي زاد المهاجرون وكثرتْ المراكز الدينيّة. فلعلّ الخطر على دين المهاجر بات أقلّ من الفترة التي كنّا فيها.

فأنت يا أخي الكريم إنْ وجدتَ بلدًا مسلمًا تستطيع فيه الإقامة فلا تتردّد في الهجرة إليه على أن يكون الفساد فيه أقلّ مما في أوروبا، وإلا فعليك بما يلي:

1/ كثِّر من حضورك وأسرتك في المراكز الإسلامية ذات الأنشطة الناجحة.

2/ إلتزم على قدر استطاعتك بدينك الحقّ من غير تزمُّتٍ قشري ولا مواجهات عنف وكراهية.

3/ خصِّص وقتًا في بيتك مع زوجتك وأطفالك لتعليمهم قيم الإسلام وآدابه العباديّة والأخلاقيّة والعائليّة والإجتماعيّة.

4/ كُن بأحسن ما يمكنك أن تكون في معاملتك مع أهل ذلك البلد والأجانب بصورة عامّة. فليروا فيك مثال الإنسان المسلم الحقيقي المنتمي إلى مدرسة أهل بيت الرسول الأعظم.

*سؤال رقم (8): من البحرين.*

سماحة الشيخ.. حضرتُ مجلسك الأسبوعي واستمعتُ لمحاضرتك في تفسير (سورة النبأ). عَجَبَني تعليقك في إجابتك على سؤاليْن للحاضرين إذ قلتَ لهم بعد الجواب: “راجعوا غيري من العلماء أيضًا فلعلّكم تجدون لديهم جوابًا أفضل”.
كلامٌ جميل وهو يَنُمّ عن تواضع صاحبه، ولكنّي لما خرجتُ من المجلس فكّرتُ هل الشيخ المهتدي غير واثق من إجابته؟!

*الجواب:*

واثقٌ منه لنفسي، ولكنّي لستُ مالكًا للدّين الحنيف كي أعطي رأيي فيه بالقطع كما أعطيه في البديهيّات منه. هذه ناحية.

وناحية أخرى إنّ من علامات الحماقة أن يجعل الإنسان رقبته جسرًا للآخرين إلى الجنّة ويذهب بنفسه إلى النار حينما يجزم بفهمه للمسألة على أنه الحكم الواقعي عند الله تعالى والمسألة تَسَعُ احتمالات أخرى.

وناحية ثالثة.. هي أني أريد تشجيع الإخوة الحاضرين على ثقافة التعدّدية والإستماع إلى علماءٍ آخرين ليقارنوا بأنفسهم بين الأقوال ثم يتّبعوا الأحسن منها، فلماذا أغلق عليهم باب العلم وأحبسهم في معلوماتي المحدودة.. بينما للحقّ سعة وللعلم آفاق.

وأخيرًا.. إنّ هذا الأسلوب في نظري نعلّم به الناس على الإحتياط في الدّين وخاصّةً في تفسير القرآن الكريم، كيلا يتجرّأ أحدٌ في التفسير بالرأي والإفتاء بغير علم.

كلّي رجاء إلى الله جلّ جلاله أن لا يكِلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدًا بجاه النبيّ المصطفى وآله خير الورى -صلوات الله عليه وعليهم أجمعين-.

√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.
للاعلى