من الجمعة إلى الجمعة
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة

العدد (5)

 

* سؤال رقم (1): من الكويت.

ما رأيكم في الخطيب الحسيني الذي يأخذ الأجرة على منبره.. وهناك خطباء يشترطون أجرة معيّنة وإلا رفضوا صعود منبر الحسين (عليه السلام) وانتظروا فرصة ماليّة أفضل؟

* الجواب:

فرقٌ بين أن يشترط الخطيب الحسيني مالًا مقابل ارتقائه المنبر الدّيني وبين أن يُكرَم الخطيب بهديةٍ من بركة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) وهو يأخذها من دون نقاش.

النهج الأوّل خاطئ وسنتكلّم عنه، وأما الثاني فقد كان من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) في التعامل مع الراثين والمُنشدين. وقصة الإمام الرضا (ع) مع ذاكر مصائبهم الشاعر دعبل الخزاعي معروفة وكيف قد أكرمه (عليه السلام) بصُرّةٍ فيها مائة دينار. فلم يقبلها دعبل. فأصرّ عليه الإمام، فبدلًا عنها طلب دعبل ثوبًا من ثياب الإمام للتبرّك. فأعطاه الإمام ثوبًا مع تلك الصُرّة.

ومثل هذا كانت سيرة مراجع الدّين والمؤمنين في إكرام الخطباء الحسينيّين، وهم يأخذونها ولم يفتحوها بمحضرهم أو يناقشوا في مقداره لاحقًا أو يترقّبوا عرضًا ماليًّا أفضل.

ولقد ذكرنا في كتابنا (العلم والعلماء) -المطبوع في سنة 1989- تحت عنوان (أجرة العلماء ومعاشهم) رواية عن الإمام الصادق (ع) كما في (بحار الانوار-ج2ص78) يقول فيها: “مَن احتاج الناسُ إليه ليفقّههم في دينهم فيسألهم الأجرة، كان حقيقًا على الله تعالى أن يُدخِله نار جهنم”.

وهي رواية خاصة بتعليم أحكام الفقه الواجبة، ولكنها قد تفيد مصاديق أخرى من التعليم الدّيني كبيان واقعة الطفّ والمصائب الحسينية وفضائل العترة النبويّة.

فلا ينبغي لخطيبٍ صاحب رسالة في الحياة أن يشترط على مجلسه مالًا والناس لا يقصّرون معه إن رأوا منه الترفُّع عن المادّيات. وهو بهذه السيرة سيكسب وُدّهم وحبّهم له وتكون لكلمته أثرٌ أقوى في نفوسهم. وهنا يتحرّك في الطرفين (الخطيب والمستمعين) قولُ الإمام علي (ع) لجابر بن عبدالله الأنصاري:

” يَا جَابِرُ ، قِوَامُ هَذِهِ الدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ : عَالِمٌ يَسْتَعْمِلُ عِلْمَهُ ، وَ جَاهِلٌ لَا يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ ، وَ غَنِيٌّ جَوَادٌ بِمَعْرُوفِهِ ، وَ فَقِيرٌ لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ. فَإِذَا كَتَمَ الْعَالِمُ الْعِلْمَ أَهْلَهُ ، وَ زَهَا الْجَاهِلُ فِي تَعَلُّمِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَ بَخِلَ الْغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ ، وَ بَاعَ الْفَقِيرُ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ ، حَلَّ الْبَلَاءُ ، وَ عَظُمَ الْعِقَابُ “.

* سؤال رقم (2): من لبنان.

بات زماننا مُخيفًا على أكثر مِن صعيد.. حروب ودماء.. ظلم وفقر وفساد.. كذب وجهل وتبذير وجوع.. خلافات وخيانات وقسوة وحيرة.. واستهتار بكلّ القيم الإنسانية والتفرّج القبيح على ذلك.

ما الحلّ في رأيكم وإلى أين ستنتهي الأوضاع العالميّة والإقليميّة.. وهل كما يقول البعض أنها من علامات الظهور الحاسم لمهديّ آل محمد؟

* الجواب:

إعلم “أنّ الدّنيا سوقٌ رَبَحَ فيه قومٌ وخَسَرَ آخَرون”…

قرِّر في هذا السوق أن لا تكون إلا مِن الرّابحين فقط.. ويتطلّب منك أن تؤمن بأنّ للحياة ربٌّ حكيمٌ رحيمٌ كريمٌ (يمهل ولا يهمل).

وبناءً على هذا الإيمان تيقّن أن للحياة غايةً يترتّب عليها حساب النار أو نعيم الجنة. ولا ينفع هذا الإيمان ما لم يقترن به العمل بحلال الله واجتناب حرامه..

فإن كنتَ هكذا فسوف لن تكون ممن (نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ).

فاذكُر اللهَ ذكرًا واعيًا وكثيرًا لأنّ الذِّكر السّاهي لا يبعث فيك الهمّة العالية وأنت تحتاجها في الإحساس بآلام المحرومين.

فإذا كنتَ كذلك ستجد التقوى يفتح عُقَدَ أمورك في سوق الدنيا الهائجة.. لأن الله تعالى قال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ َالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).

بهذه الخطوات ستعرف الحقيقة.. ثم لن تحزنك عربدة الذين لا يؤمنون ولن تَخَف منهم.

تأمل معي في هذه الآية المباركة ثم توكّل على الله في العمل بما كتبتُه لك: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).

وأخيرًا: إنّ الإمام المهدي (أرواحنا فداه) يريدك أن تكون بهذا المستوى من الوعي والسعي. وكفى!!

*سؤال رقم (3): من سلطنة عمان.

هل المال الذي نقترضه من البنك والقسط الشهري لتسديده يجب تخميسه؟

* الجواب:

عين المال المُقترَض ﻻ يجب تخميسه ولكنه اذا استُبدل بشيءٍ آخر وجب الخمس في هذا الشيء. وأما عن خمس القسط الشهري فإذا كان لك رأس سنة خُمسيّة وتدفع خمسك فﻻ يجب تخميس ما تدفعه لسداد قرضك أثناء شهور السنة.

* سؤال رقم (4): من إيران.

هل يجوز وضع المال في البنوك لغرض تحصيل الأرباح المدفوعة عليه؟

* الجواب:

يجوز ذلك في البنوك الحكوميّة في البلاد اإسﻻمية بشرط إخراج خمس الرّبح فورًا وهو غير خمس رأس السنة.

* سؤال (5): من البحرين.

نشتري من محلّات البيع أشياءً وهي تخصّص إزاء مبلغ من الشراء ورقةً تُدخلها في عمليّة السّحب لمنح الفائز جائزةً بالقرعة.. فما حُكم هذا العمل كلّه، وفي حال جوازه هل يتعلّق الخمس بالجائزة؟

* الجواب:

الجوائز حﻻل ويتعلّق بها الخمس إذا بقي منها عند موعد رأس السنة لمَن كان له رأس سنة خمسيّة ثابتة، وإﻻ وجب تخميسها حالًا وجعل ذلك اليوم موعد التخميس لرأس سنته الخمسيّة.

* سؤال رقم (6): من العراق.

هل ترون جديرًا بنا كشباب أن نخوض في نقاشات حول المراجع والعلماء.. وربما بعض النقاشات تكون مفيدة وبعضها يأتي هادمًا للعلاقات بيننا؟!

* الجواب:

إذا كان المناقشون مُؤهَّلين فكريًّا وأخلاقيًّا لا ينتهي بهم المطاف إلى النزاع والعداوة. وهنا يكون النقاش مطلوبًا لتنضيج الأفكار وتطوير الوعي الديني والعقل الجمعي. وإلا فترك الجدال العقيم هو المطلوب، بل هو الواجب شرعًا. لأنّ الإسلام نهى عنه حتى لو كان الإنسان محقًّا في رأيه. والسّبب لأنه يكرّس الكراهية بين الناس وقد تؤدّي إلى عداوات وتفكيك عناصر التعاون والتعاطف!!

يقول الإمام علي (ع): “إيـّاكـُمْ وَالْمِراءَ وَالْخُصُومَةَ فَإنَّهُما يُمْرِضانِ الْقُلوبَ عَلَى الإخْوانِ وَيَنْبُتُ عَلَيْهُما النِّفَاقُ”.

وهذا هو نتائج أكثر النقاشات التي تجري في مجالس الثرثارين، وزادت كروبات الواتسب في الطّين بلّات وليست بلّةً واحدة حتى بات واقعنا الإجتماعي موبوءً بمختلف الأمراض التي يرقص عليها شياطين الجنّ والإنس معًا ويضحك علينا الأعداء!!

فهل من متّعظ.. وهل من مُعتبِر؟!

√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.

للاعلى