ضربةٌ، ووصيةٌ، وعروج…

هذا (عليٌّ) في أيّامه الأخيرة فمَن أنت؟!

بيان ذكرى استشهاد الإمام عليّ (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

“أشهدُ أنّ عليّاً وليُّ الله”.. لا يكفي قولُه في عظمة هذا الإمام التقيّ النقي،ّ الشّجاع المِقدام، العابدِ الزاهدِ الحكيم الكريم، العادلِ في حُكمِه، والعافي عن خصومِه، الصابرِ في جهادِه، العالِمِ البليغِ الفصيحِ في كلامِه، والثابتِ على إيمانِه منذ أعلن إسلامَه لابن عمّه الرسول الأكرم سيّدنا محمد (ص)…

رجلٌ شهدت له رسالاتُ الأديان ومبادئُ العقول ومواثيقُ الفطرة والضمائر الإنسانية بمصداقيّته الكاملة فيها بلا منافسٍ له مِن بعد رسول الله (ص) إلى يوم القيامة.

فقولنا: “أشهدُ أنّ عليّاً وليُّ الله”. قليلٌ في حقّ هذا الإمام العظيم ولا يصلح إلا عنواناً يدلّ الباحثين عليه كي يقرأوا بعده كتابَ حياتِه الذي لن تنتهي صفحاتُه المُشرِقات.

من أجل ذلك لازالت الحاجةُ إلى هذا الإمام القائد وإلى فكره الرائد حاجةً قصوى خالدةً مع خلود الأرض والسماوات العُلى…

من هنا كان مناوئوه (عليه السلام) ولازالوا يتخبّطون في مستنقع الجهل والحقد ولن يستطيعوا النيل منه إلا في أنفسهم، وأما عند الله وعند الناس الطيّبين فعليٌّ أميرالمؤمنين في أعلى علييّن.. لا يحاول أحدٌ -كما أثبته الواقع التاريخي- أن ينقص من مقامه الرفيع إلا خاب ظنّه وباءت محاولته بالفشل.

وراحوا يضطهدون شيعتَه ويعذّبونهم ويقتلونهم ويمثّلون بهم بأبشع صور الوحشية (والداعشية مثالاً) ولكن الشيعيّ في الغالب سائرٌ على خطى إمامه.. واعٍ لدينه.. وبصيرٌ في أمر دنياه.. وناظرٌ لآخرته.. ولا يرى سوى الفوز بالجنة هدفاً أمامه…

وهذا هو سلاح شيعة الإمام علي في كل زمان ومكان والذي به انتصروا ولازالوا منتصرون به.

إننا في هذه الليلة.. ليلة ضربة الخارجي بن ملجم المرادي بسيفه المسموم على رأس الإمام (ع) وهو في صلاة فجر (19) من شهر رمضان نستلهم مفهوم السلامة الدينية ومعنى الفوز الحقيقي في محضر الله تعالى.. كما نستلهم في الليلة الثانية.. ليلة الوصية منهاجاً للحياة الأفضل وفق بنودٍ قالها الإمام وهو يتجلّد في آلامه.. كما ونستلهم في الليلة الثالثة.. ليلة وداعِه دارَ الدنيا كيف يجب أن يكون موالوه ومحبّوه وشيعتُه في طول التاريخ بعده من حيث التديّن العقلاني والنضج الحضاري والسلوك الأخلاقي.. فهذا هو رمز التفوّق الذي سنهزم به أعداء الدّين والحضارة والأخلاق.

فليس العزاء في ثقافتنا الولائية حزنٌ سلبيٌّ فارغٌ عن الهدف، وليس اللطم عندنا ممارسةٌ خالية عن الرسالة.. بل هما وكل المظاهر الشعائرية وسائل تعبير لعواطف المودّة لأهل بيت النبيّ الذين ضحّوا لهدايتنا ولحقوقنا الإنسانية.

إنّ المسلمين الشيعة بكلّ تياراتهم ورغم نواقصهم الإعتيادية التي لا يخلو منها بشرٌ يعيشون اليوم ظرفاً إستثنائياً يوجب عليهم معرفة زمانهم والقيام بهندسة الطريق نحو أهدافهم.. وهي أهداف الإسلام العظيم وفق ما جاء به القرآنُ الكريم وأتى به رسولُ ربِّ العالمين وحماه عليٌّ والزهراء والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين.

لابد للشيعة في كل بقعة من العالم أن يعملوا يحوّلوا أزماتهم لصالح هذا الخط الربّاني الحاضن لكل الناس حبّاً في هدايتهم إلى دين الله ورأفةً بمَن ضيّع الطريق إليه عزوجل.

هكذا كان عليٌّ في سيرته ومسيرته.. فمَن أنت؟!

فلنجعل هذه المناسبة -والتي لا يعلم أحدٌ منّا سنكون بعدها أم لا نكون- محطّةً لصناعة واقعٍ جديد نكسب به المعركة مع أحفاد الخارجي بن ملجم المرادي المنتشرين على أكثر من جبهة..

فلنجعلها مناسبةً لتغيير النفس بالجهاد الأكبر ذهاباً إلى تغيير كل سيئة عائلية واجتماعية وسياسية إلى حسنة تتنامى حتى تتصل بيوم ظهور مولانا بقيّة الله في الأرضين الإمام الحجّة بن الحسن المهدي (أرواحنا فداه).

عظّم الله أجرك سيّدي يا صاحب الزمان.. وعظّم الله أجوركم جميعاً باستشهاد مولى الموحِّدين إمام المتقين عليٍّ أميرالمؤمنين…

اللهم إنّا نشهد لوصيّك علي بن أبي طالب بالولاية وبكل ما اختصصتَه له ولم تدركه أفهامنا.
اللهم آمنّا بك وبرسولك وبوليّك فاكتبنا مع الشاهدين.. وأنت خير الآمرين:

(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

داعيكم
الملتمس لدعواتكم وفي ليالي القدر خاصة:
عبدالعظيم المهتدي البحراني
18/شهر رمضان/1436

للاعلى