خطاب ليلة عاشوراء

تلخيصاً لخطاب سماحته السنوي بعد موكب (المشق) في الطريق العام أمام حسينية أهل البيت (عليهم السلام) بالبحرين.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)

إن الحياة التي يدعو إليها الله والرسول هي حياة القيم والمبادئ، حياة العدل والإحسان، حياة الأخلاق والإنسانية، حياة الرحمة والحرية..

هذا الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي أحيانا برسالته الإلهية بإحيائه لهذه القيم والمبادئ يقول عن سبطه الإمام الحسين (عليه السلام): “حسينٌ منّي وأنا من حسين”.. وهنا حيث المسلمين يعرفون أن الحسين من محمد نسباً وسلالةً.. فهو ابن بنته فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ولكن كيف يكون الرسول من الحسين؟!

نعم.. إنه منه في إحياء دينه وقيمه ومبادئه، هكذا كان الحسين مثال التأسّي بجدّه الرسول محمد في الأخلاق والعدالة والرحمة والصدق وهذه من صفات الله عزوجل..

بهاتين البصيرتين:

1/ الدعوة إلى حياة القيم الطيبة كما في الآية الكريمة.

2/ وامتداد الرسول في سبطه الحسين كما في الحديث الشريف.

نستنتج بأن وجوب الاستجابة للحسين كوجوب الاستجابة لله والرسول.. لأن الحسين (عليه السلام) كان مصداقاً لهذه الآية حيث استجاب لله والرسول في إحياء قيم الدين ومبادئ الخير..
فنحن مدعوون إلى هذه الاستجابة الإلهية الرسالية الحسينية.

وفي السياق نفسه نجعل إحياءنا للشعائر الحسينية طريقاً إلى الاستجابة لتلك القيم والمبادئ التي تُُحيينا.. هكذا هو المعنى القرآني الذي نستلهمه في هذه الليلة من عاشوراء الحسين..

وبالتأسيس على ذلك فإنّ المطلوب منا جميعاً شيعةً وسنةً أن نعمل بهذه الآية لنعيش حياةً كلّها معاني الخير والعدالة والتعاون على البر والتقوى.. معاني المحبّة والأخوة والإيمان الصادق بالله وبالرسول.. ولهذه الأهداف كانت نهضة الإمام الحسين وكانت آلامه.

فيا أيها المؤمنون.. ويا أيتها المؤمنات، فليكن حضوركم الليلة في ذكرى عاشوراء أبي الأحرار.. الفرصة التي تقرّرون فيها ترجمة تلك المفاهيم على سلوككم.. فالأخلاق والتقوى والسعي لتحقيقها في حياتكم وتعميق روح الخير بين الناس من واجباتنا الإسلامية. وفي ظلّها سنعرف كيف نتوحّد باحترام.. كما سنعرف كيف ندير اختلافاتنا بورعٍ وأدب ونضجٍ وشرف.

هذه مبادؤنا.. هذه قيمنا.. هذه سيرتنا.. وقد رأيتمونا منذ (13 عاماً) ونحن نتحرّك في منطقتنا وننتج على مستوى البحرين.. ذلك هو مواقفنا وتلك هي آثارنا التي تدل علينا.. من نشر للفكر والثقافة والدعوة إلى المحبة والعدالة.. لنا أمور جيدة، وعندنا أمور تحتاج إلى تصحيح، فلنزدد من تلك الأمور الجيدة، وعلينا أن نصحّح كل ما يحتاج إلى تصحيح. هذه مدرستنا التي من خلالها نعتقد بشرعية الشعائر الحسينية ذات الغطاء المرجعي، وما لم يكن تحت هذا الغطاء فليس من الشعائر.

من هنا فنحن تطبيريون بوعي ورسالة، ولا نرى في الرأي المخالف للتطبير إلا حقه في ممارسة الحرية نفسها دون مصادرة رأينا. نقول للجميع.. كونوا كما تريدون في خدمة العزاء الحسيني، ولكننا غداً سنعبّر عن حبّنا للحسين بالتطبير.. لاعتقادنا أن الذي يجسّد الذكرى العاشورائية بشكل أفضل هو الظهور بالأكفان والسيوف والدماء والهتاف يعلو (حيدر.. حيدر) ولم يكن في كربلاء الحسين سوى هذه العناصر المقدّسة التي عبّر بها الحسين وأولاده وأصحابه عن روح التضحية والإخلاص والحُبّ المقدّس.

فعاشوراء.. هذه رسالتها.. رسالة القيم الإنسانية واحترام الآراء والحريات.. وتلك تطالبنا بالعمل.. العمل بآيات القرآن الكريم كما فسّرها النبي وأهل بيته وعملوا بها.. وهل يعلم (الذكر) إلا (أهل الذكر)؟!

فتعالوا إلى قولٍ وفعل.. وكلامٍ لا ينفصل عن موقف حتى نكون ممن استجاب لله وللرسول على الطريقة الحسينية، ولنحذر أن تنطبق علينا قول الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

أسأل الله عزوجل أن يهدينا بالحسين إلى قيمه العادلة كلّها..

اللهم وبحق دم الحسين.. أدخلنا في كل خير أدخلت فيه محمداً وآل محمد، وأخرجنا من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد.. (صلواتك عليه وعليهم أجمعين).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

للاعلى