مُذَكَّرَاتٌ ثمان…
في إنتاج خطاب حسيني رائد.

ورقة تذكيرية.. بقلم الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني إلى الإخوة العلماء والسادة الأفاضل والخطباء الحسينيين المجتمعين في المؤتمر المنعقد بحسينية السنان في القطيف تحت رعاية (رابطة خطباء المنبر الحسيني) في (الجمعة 23. ذي القعدة 1435ه‍) تحت شعار (المنبر نبض الأمة).

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي أنذرنا برسوله محمد خاتم النبيين.. وهدانا بوصيه علي أميرالمؤمنين..
وَثَبِّتْنَا على الولاية بفاطمة سيدة نساء العالمين.. وأحسن إلينا بالسبط الحسن الزكي المجتبى.. واختبرنا بالحسين الذي نسعد به أو نشقى.. وجعلنا من المنتظرين لظهور قائمهم المهدي خير من أتى.. نحمده عزوجل بلسان العارفين وسعي المتقين، ونصلي ونسلم على نبيه المصطفى وأهل بيته الطاهرين. ونتبرأ من مبغضيهم إلى قيام يوم الدين..

* وأما بعد:

فقد قال الله عزوجل في محكم آياته:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

“صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ .. أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِـي الخُلْدِ .. وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ العَرْشِ.. وَبَكَى لَهُ جَمِيْعُ الخَلائِقُ.. وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبِعِ وَالأَرَضُوْنَ السَّبْعِ وَمَا فِيْهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ.. وَمَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ وَالنَّـارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا مَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى”.

السلام على الحضور الكريم.. السادة العلماء والخطباء الأجلاء والعاملين في إحياء الشعائر الحسينية المقدسة.. ورحمة الله وبركاته.

أشكر في بدء هذه الورقة التذكيرية الإخوة الأعزاء في (رابطة خطباء المنبر الحسيني) بمدينة القطيف المحروسة على دعوتهم لي إلى هذه المشاركة والتي كنت في أشد الشوق للحضور الشخصي لولا ظروفي الصحية…

أسأل الله لكل الأحبة خير ما أعطى الصالحين.. إنه مجيب دعوة السائلين..

وهنا بعد التمهيد أقدم ثمانية مذكرات دفعتني إليها الآية المباركة (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) وحالي فيها كحال حامل التمر إلى هَجَر وأنتم أهل هَجَر بالأصالة والعطاء!!

* التمهيد:

لقد شَدَّنِي شعار مؤتمركم الواعد (المنبر نبض الأمة).. عنوان يختزن معاني عميقة، وليس هنالك أعمق من رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) التي جمعت بين الوحي القرآني والنهج المحمدي في موقف تضحوي نوعي أصيل قد قام به السبط الشهيد لإصلاح أمة جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) على مُـرَّ الأزمنة وإنقاذها في جميع مراحلها الوجودية حتى قال فيه جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): “والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً , إنّ الحسين بن عليّ في السماء أكبر منه في الأرض ؛ فإنّه لَمكتوب عن يمين عرش الله : مصباح هدى , وسفينة نجاة , وإمام خير ويمن , وعزّ وفخر , وبحر علم وذخر . وإنّ الله عزّ وجلّ ركّب في صلبه نطفة طيّبة مباركة زكيّة”.

حقا.. لم تَـمُـتْ أمة ينبض قلبها بحب الحسين وبالغايات الحميدة التي أرساها في نهضته الوهاجة على مر العصور.

وبالتأسيس على هذا العنوان الهادف نرى المنبر الحسيني ذلك المكان المقدس للخطيب الذي عرف مسؤولية الكلمة وتعامل معها بإخلاص وصدق وحكمة.. فهو اللسان الـمُعَبِّر عن رسالة الإمام الحسين لأمة جده (صلى الله عليه وآله) في الإصلاح العام.. عقائديا ومعنويا وسلوكيا وعلى كافة الأبعاد والإحتياجات الأخلاقية والأسرية والإجتماعية والإدارية والسياسية وما أشبه.

نشير هنا -وبالإختصار المطلوب- إلى ثمانية مذكرات هامة أذكر بها نفسي وإخوتي الأفاضل متمنيا أن تفيدهم في إثراء مواضيعهم المنبرية وتكون لي وارد الأجر والثواب:

* المذكرة (1)

إن في إحياء ذكرى قصة الإمام الحسين (عليه السلام) يوجد الكثير من محطات التَّزَوُّد العقائدي في الإلهيات وفي الولائيات معا.. وفيه الكثير من المفاهيم المعنوية والأخلاقية والاجتماعية والأسرية والسياسية والتبليغية على نمط القصص القرآنية الزاخرة بالدروس والكنوز. فإذا كان البعض يرى بعضها أو يتعاطى القشور منها بعيدا عن ملامسة الحاجة، فإن هناك أهل البصائر -وأنتم منهم إن شاء الله- يمتلكون رؤية شمولية أوسع تجاه قصة عاشوراء واستنباطا أدق من رسالة الحسين فيها.
وهذا يكون على درجات.. وحسب معرفة الخطيب الربانية المتصلة بالإعتقادات الصحيحة ولاسيما ذات الصلة بالمقامات الغيبية المتميزة التي خص الله تعالى بها نبيه محمدا وأهل بيته والإمام الحسين خاصة. إذ من المعلوم أن الخطيب المنبري كلما انفتحت آفاقه الروحية على هذه المعرفة كلما استنار قلبه وأجرى الله على لسانه نورا لمستمعيه فخرجوا من عنده بنظرة أفضل عن الإمام الحسين ومعرفة أكمل برسالته، فكان ذلك الخطاب مصدر ثقافة سلوكية أقرب إلى صاحب الذكرى.

* المذكرة (2)

إن المجالس الحسينية جزء محوري من عظمة الذكرى وليست كلها.. بهذه النظرة تسير تلك المجالس على طريق التكامل مع بقية الأجزاء الأخرى، فَتُنْتِجُ المناسبة رسالتها على نحو أكثر عطاءا وأجلى بركة. ويساهم وعي الخطيب لهذه المسألة في تحسين موقفه من الأجزاء الأخرى وأهمية دورها في الترابط المنتج.. مما يجعل الآخرين في تلك الأجزاء يتكاملون مع دور الخطيب ويرابطون تحت منبره. فعلى سبيل المثال.. إن من الخطأ أن يتجاهل الخطيب أهمية المضيف وتوزيع طعام البركة الحسينية، ومن الخطأ أيضا إذا قام نشطاء المضيف بتوزيع الطعام أثناء حديث الخطيب. فالمطلوب تنسيق الأدوار لتنتج الأجزاء الموسمية كلها كأجزاء الماكنة الـمُحَرِّكَة للشيء.

* المذكرة (3)

ينبغي للخطيب الحسيني أن يزرع في الجمهور ثقافة المرجعية التَّخَصُّصِيَّة كي يعرف الكبير والصغير منهم بأن المتخصصين في علوم الدين ومعارف مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هم الجهة الأولى في أخذ الإجابات التي ترتبط بمجالهم.. فلا تؤخذ الإجابات على أسئلة دينية وقضايا حسينية من مهندس أو طبيب أو صحفي أو خياط إذا كانت مخالفة لأهل التخصص، كما لا تؤخذ المجالات الأخرى من المراجع الأجلاء والعلماء الربانيين والخطباء الدارسين إلا على نحو المعلومات العامة. من هنا يكون على الإخوة المثقفين تأصيل أبحاثهم الإسلامية وخاصة ما يتعلق بالقضية الحسينية عبر الرجوع إلى المتخصصين من المراجع والعلماء الربانيين والخطباء المحترمين، وكذلك على الأدباء والشعراء حيث يُقَدِّمُوْنَ إنتاجهم للرواديد أن ينهلوا معلوماتهم من منهل المرجعية التخصصية تجنبا من وباء التحريف وبلاء التخريف ثم التورط في عذاب الآخرة والعياذ بالله.

وهذا من الواجب الشرعي والعقلي في حفظ الأمانة وأدائها للجيل القادم سالمة وفاعلة، خاصة والوجود الشيعي اليوم بكل مُكَوِّنَاتُه والشعائري منه بالخصوص صار في مرمى الإستهداف الطائفي البغيض فباتت الحاجة إلى الضبط العلمي للمعلومات ملحة من خلال التخصص ونبذ العشوائية والسطحية. وهنا على الخطيب توجيه الجمهور نحو هذه القضية كيلا يتقدموا على المرجعية التخصصية التي تنطلق من تعاليم القرآن والعترة في أقوالها وتتحرك بروح الخشية من الله تعالى.. وهما صمام أمان للكلمة ولسداد العقل والرأي.

* المذكرة (4)

باعتبار أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان صاحب مشروع إسلامي متعدد الأبعاد.. يجدر بالخطيب الموفق أن يأخذ منه ما هو الأبرز حاجة إليه في مجتمعه.. وإذا كان خطابه يبث في الفضائية فالمسؤولية تتعاظم لِتَعَدُّد أنواع المستمعين وخطورة الصيد عليه واستثماره سلبا لتسقيطه وللإساءة إلى مشروع الإمام الحسين..
فالخطيب الناجح يبذل مزيدا من التركيز في اختيار البعد الذي ينفع المستمعين ويخدم أصل المشروع الذي استشهد لأجله سبط رسول الله في كربلاء وَصَبَر على تلك المصائب التي هَزَّت أركان السماوات والأرض.

يستدعي هذا الأمر أن يكون الخطيب عارفا بزمانه ومتابعا لأمور الناس.. فَيُقَدِّمُ لهم ما يحتاجونه من رحيق المشروع الحسيني في الفكر والعقائد والتربية والأخلاق والإجتماع واﻹقتصاد والسياسة والصحة والإدارة والتخطيط المدني والتعليمي والمفهوم الحضاري للحياة الإسلامية..
ولا ننسى ما يحتاجه الخطيب أيضا من ذوق رفيع في الأداء.. بل ومن اهتمام بهندامه وشكل العمامة حتى!!

* المذكرة (5)

إن من مؤشرات تَرَاجُعٌ الخطيب وجموده هو تكراره للمواضيع التي ناولها بالأمس.. بينما التطوير سنة الحياة وكذلك من سنتها إنشداد الإنسان نحو الجديد النافع. ومن ذلك وضع القديم النافع في قالب جديد مدعوما بالشواهد التي يعيشها هذا الجيل.

هذه الريادية في فن الخطابة سبيل الخطيب الناجح إلى عقول الشباب.. وهو جزء من مسؤوليته في الوصول إليهم قبل أن تسطو عليهم فئات المرجئة الحديثة.

* المذكرة (6)

من واجبات الخطيب المنتج نشره لثقافة التعايش وتعليمات في إدارة الخلاف والإختلاف.. وأن يبين للجمهور تجليات الأخلاق ومعنى التقوى.. ويجد في سيرة النبي وأهل بيته الكثير من الدعائم لتعزيز هذا الاتجاه. ويقوم أيضا بتثقيف الإنسان الشيعي للوقوف عند حَــدّ مرجعه الديني دون التطاول على مرجع غيره والتصرف كأن على الآخر أن يخضع لرأيه وإلا فهو خارج عن الدين والملة.

* المذكرة (7)

على الخطيب العزيز أن يكتشف السبيل إلى فتح العقول والتأثير في القلوب.. ومن ذلك أن يجعل عمله داعية قبل علمه.. ولا ينسى تأثير بكائه حين قراءة النعي على مصائب سيد الشهداء (عليه السلام). فللتفاعل الذاتي تأثير عميق على داخل المستمع. وهناك مسألة تنطوي تحت عنوان التأثير أيضا، وهي عدم إشتراط الخطيب مبلغا من المال لقاء منبره!! فإنه ليس من مانع يحول دون تأثير الكلمة على المستمع كهذا المانع المادي. ونؤكد على (الإشتراط) في سياق المساومة التجارية وكأن المنبر الحسيني مصدر ارتزاق لا مصدر بلاغ!!

من هنا كان الخطباء السابقون الذين تركوا آثارا عظيمة في تغيير النفوس إلى الحق هم أولئك الذين إذا دعوا إلى مجلس ورأوا ظروفهم منسجمة وافقوا دون الكلام عن المال.. بل كانوا يأخذون البركة ولم ينظروا إليها حتى يدخلوا بيوتهم شاكرين لله تعالى وإذا يبارك لهم عزوجل ويربي مالهم ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.

* المذكرة (8)

ظاهرة سلبية للغاية.. وعلى الخطيب الرسالي أن يسعى في علاجها باهتمام كبير نظرا لأثرها السلبي الفتاك على العلاقات العامة والعمل المجتمعي. تلك هي ظاهرة الإمعية والمشي مع الآخر كالهمج الرعاع، أتباع كل ناعق، يميل مع كل ريح، حيث هناك أشخاص يتأثرون يوما من خبر هنا يسحبهم إلى أقصى اليمين، ويتأثرون يوما آخر من خبر هناك يجرهم إلى أقصى الشمال!!

وقد ساهمت في صناعة هذه الظاهرة الهدامة كثرة خطوط الإعلام في تكنولوجيا الكذب والفبركة ونشرها عبر شبكات التواصل الإجتماعي، بينما أقل الواجب أن نعتبر كثيرا من تلك النقولات النزاعية إنما تأتي ضمن مشروع الإستهداف لخلق فوضى عارمة بين المسلمين، أو بسبب ثغرة في نقل الخبر أو سوء الفهم أو خطأ في القول أو تشابه في الأسماء أو خيانة في التعبير أو لحالة نفسية طارئة على الشخص وهي قابلة للتدارك والإصلاح والتماس العذر!!

هنا.. يتحمل الخطيب الفطن واجبه الأبوي في تشجيع الناس على إصلاح ذات البين بدلا عن سكبهم للزيت على النار. يقول لهم أن من نعم الله على شيعة أهل بيت النبي (عليه وعليهم الصلاة والسلام) الموسم العاشورائي المليء بالنفحات السماوية.. وهو من أخصب المواسم لإثمار النفس صلاحها والتقرب إلى بارئها.. حيث الدموع الساكبة على مصاب أبي عبدالله الحسين وعياله وأطفاله تمحي قساوة القلوب المانعة لوعي الحقيقة.

فليعمل الخطيب في هذا الموسم على أن يثير دفائن العقول ويتحدث حول تنمية العقل ودوره في صناعة الحياة الطيبة وتجنيب العلاقات الإنسانية من ألغام الصراعات الجاهلية.

عليه أن يتساءل من مستمعيه:
لماذا أعطانا الله العقل إذن؟!
ولماذا حث علينا القرآن الكريم بالتفكر؟!
ولماذا نصحنا النبي محمد وأهل بيته بالورع ودقة الكلام والنظر إلى حساب الآخرة عند اتخاذ المواقف؟!
ولماذا قدموا لنا مُقَوَّمَات بناء الشخصية الناجحة وضرورة التخلص من صفة الببغائية التي ما حَلَّت في أحد أو مجتمع إلا وأحالته إلى معشر الفاشلين!!

* وفي الختام:

أيها الإخوة الأكارم.. نحن طلاب مدرسة المرجع الموسوعي الكبير سماحة السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله درجاته) الذي كان وشقيقه سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي (دام ظله العالي) في طليعة رُوَّادِ الفكر الحسيني المتحرك ومن دعاة إحياء الشعائر الحسينية على النمط الرسالي الهادف.. فهل لنا من الوفاء له أن نتأمل في قوله الرائع هذا:

“كلما يذكر الإمام الحسين (عليه السلام)، يذكر إلى جانبه: الإسلام، القرآن، الحرية، الإستشارية، المؤسسات الدستورية، التعددية الإيجابية، التنافس، الأخوّة الإسلامية، الحقوق الإنسانية الفردية والاجتماعية، العدالة العامة والضمان الاجتماعي، التقدم والازدهار، الرقي والحياة الرغيدة، السعادة والهناء.
کما ويذكر إلى جانبه: الحرب ضد التجبّر والطغيان، وضد الدكتاتورية والاستبداد، وضد التوحش والبربرية، وضد التقهقر والرجعية، وضد الفقر والجهل، وضد الاستثمار والاستعمار، وضد الكبت والحرمان…

ثم أضاف سماحته: إن الذي يجسّد هذه القيم، وينشرها في ربوع الكرة الأرضية، هو: إقامة الشعائر الحسينية، ونشر ثقافة المنبر الحسيني، ويجب أن يكون ذلك عبر الفضائيات والانترنيت، ووسائل الإعلام القديمة والجديدة، وفي جميع بلاد العالم… وهذا يتطلب من المسلمين جميعاً، وخاصة أصحاب الهيئات والمواكب، وأهل القلم والمنبر، وذوو الخطابة والبيان، أن ينظروا إلى قضية الإمام الحسين (عليه السلام) بنظرة أوسع، وأن يتعاملوا معها برحابة صدر أكبر وأن يعلموا بأن الإمام الحسين (عليه السلام) خلف جده الرسول (صلى الله عليه وآله) الذي بعثه الله تعالى إلى الناس كافة، وأرسله إلى العالم كله”.

وختم الإمام المُـجَدِّدُ الشيرازي قوله: “فلو استطعنا أن نوصل صوت الإمام الحسين (عليه السلام) ونداءه، وأهدافه وتعاليمه، إلى جميع العالم لتحققت الآية الكريمة مجددا:
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا).

* وأخيرا:

أشكر جميل استماعكم لهذه المشاركة العاجلة، وأشكر كل من تصله هذه السطور مطبوعة على حسن قرائته لها، وأنا كلي دعاء إلى الله تعالى بالتوفيق في اكتساب العلم النافع وتنجيز العمل الصالح.. وأن يشملنا جميعا دعاء مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) لزوار جده الإمام الحسين (عليه السلام) وشيعته الصابرين على صعوبات البلاء.. حيث قال:

«اللّهُمَّ يا مَنْ خَصَّنا بالْكَرامَةِ؛ وَوَعَدَنا بالشَّفاعَةِ؛ وَخَصَّنا بالوَصيَّةِ؛ وأعْطانا عِلمَ ما مَضى وعِلْمَ ما بَقيَ؛ وَجَعَلَ أفْئدَةً مِنَ النّاسً تَهْوِي إلَيْنا ، اغْفِرْ لي ولإخْواني وَزُوَّارِ قَبر أبي الحسين ، الَّذين أنْفَقُوا أمْوالَهُمْ وَأشخَصُوا أبْدانَهم رَغْبَةً في بِرِّنا ، وَرَجاءً لِما عِنْدَكَ في صِلَتِنا ، وسُروراً أَدْخَلُوهُ عَلى نَبِيِّكَ ، وَإجابَةً مِنهُمْ لأمْرِنا وَغَيظاً أدْخَلُوهُ عَلى عَدُوِّنا ، أرادُوا بذلِكَ رِضاكَ ، فَكافِئْهُمْ عَنّا بالرِّضْوانِ ، واكْلأُهُم باللَّيلِ وَالنَّهارِ ، واخْلُفْ عَلىُ أهالِيهم وأولادِهِمُ الَّذين خُلّفوا بأحْسَنِ الخَلَفِ وأصحبهم ، وَأكْفِهمْ شَرَّ كلِّ جَبّارٍ عَنيدٍ؛ وَكُلّ ضَعيفٍ مِنْ خَلْقِكَ وَشَديدٍ ، وَشَرَّ شَياطِينِ الإنْس وَالجِنِّ ، وَأعْطِهِم أفْضَلَ ما أمَّلُوا مِنْكَ في غُرْبَتِهم عَنْ أوْطانِهِم ، وَما آثَرُونا بِهِ عَلى أبْنائهم وأهاليهم وقَراباتِهم ، اللّهُمَّ إنَّ أعْداءَنا عابُوا عَلَيهم بخُروجهم ، فَلم يَنْهِهم ذلِكَ عَنِ الشُّخوصِ إلينا خِلافاً مِنْهم عَلى مَنْ خالَفَنا ، فارْحَم تِلْكَ الْوُجُوهَ الَّتي غَيْرتها الشَّمْسُ ، وَارْحَم تِلكَ الخدُودَ الَّتي تَتَقَلّبُ علىُ حُفْرَةِ أبي عَبدِاللهِ الحسينِ عليه السّلام ، وَارْحَم تِلكَ الأعْيُنَ الَّتي جَرَتْ دُمُوعُها رَحمةً لَنا ، وارْحَم تِلْكَ الْقُلُوبَ الَّتي جَزَعَتْ واحْتَرقَتْ لَنا ، وارْحَم تِلكَ الصَّرْخَةً الَّتي كانَتْ لَنا ، اللّهمَّ إني اسْتَودِعُكَ تلْكَ الأبْدانَ وَتِلكَ الأنفُس حتّى تَرْويهمْ عَلى الحَوضِ يَومَ العَطَشِ [الأكبر]».

أللهم اجعلنا ممن قلت عنهم في محكم كتابك الكريم: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

تم تحرير هذه الكلمات قبل فجر يوم الجمعة
23 /ذي القعدة الحرام/1435

على يد الفقير إلى رحمة ربه الغني:
عبدالعظيم المهتدي البحراني

مملكة البحرين..
محافظة المحرق

للاعلى