الثامن من شهر شوال:

أين (البقيع) من ملفات المنطقة؟

بيان سماحته في ذكرى هدم قبور أئمة أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة الأجلاء وزوجات النبي (صلى الله عليه وآله) وأعمامه وعماته في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله، والصلاة على رسول الله، وعلى أهل بيته الهداة إلى دين الله، واللعنة على أعدائهم إلى يوم لقاء الله.

وأما بعد..

فانطلاقا من قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) نَذَكِّر أنفسنا والمؤمنين في العالم باليوم الذي زاد فيه الحزن على أحزان محبي محمد وآل محمد (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) بقيام الوهابيين في سنة (1220) أولا وفي سنة (1344) ثانيا الهجرية بهدم قبور أربع من أئمة أهل البيت.. الإمام الحسن سبط النبي الكريم. والإمام علي بن الحسين زين العابدين. وإبنه الإمام محمد الباقر. وإبنه الإمام جعفر الصادق (عليهم السلام) وقبر أم المؤمنين السيدة خديجة أم الزهراء (عليهما السلام). وقبور بعض صحابة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأعمامه وعماته وأم البنين (زوجة الإمام علي) وأمه فاطمة بنت أسد، و…

إنها كانت إحدى أبشع جرائم التاريخ التي تم توثيقها إلى جانب وثائق هدم بيوت النبي الحبيب (ص) وآله والهاشميين والصحابة وهي تعتبر من الآثار التاريخية ومعالم التراث الإسلامي وملكا لكل الأمة الإسلامية وأجيالها السابقة والحاضرة واللاحقة.

ويدل استمرار الجريمة والصمت عليها كغيرها من الجرائم على أن التنديد اللفظي بالمجرمين لم يكن كافيا ولا رادعا لهم ولعقيدتهم المتناقضة في أبسط الردود الشرعية!!

فلماذا لم يقوموا بهدم قبر النبي الأكرم وإزالة ضريحه الشريف وقبته الخضراء وإخراج جثمانه الطاهر من المسجد؟!

أليس هذا كله من الشرك بالله حسب عقيدتهم الفاسدة؟!

ثم كيف أصبح البناء على قبور ملوكهم وأمراءهم حلالا وجائزا والبناء على ما يتعلق بأهل بيت الرسول الأمين (فقط) حراما ولا يجوز؟!

ليس هناك من شك أن القضية هي الحرب على أهل بيت الحبيب المصطفى كخط الخلافة الحقيقية في الأمة.. وعليه شخصيا كحقد على وصيته فأظهروه ضد أهل بيته رغم صريح الآية القائلة:

(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ).
[سورة الشورى: 23]

ومن المودة الإحتفاظ على ما َيذَكِّر الأجيال بهم ويكون سببا للتعلق بتعاليمهم والإنشداد إليهم وعدم التنازل عن رسالتهم.

نحن لسنا هنا لنقد العقيدة الوهابية الفاقدة لكل دليل من كتاب الله الحكيم والأحاديث الصحيحة المروية عن النبي العظيم وسيرة الصحابة الأجلاء الذين ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والصدق والإخلاص لله ولرسوله ولأهل البيت.. بل وكما هو مقتضى آية (الذكرى) نحن هنا لنَذَكِّرْ المؤمنين بواجباتهم الشرعية والأخلاقية والإنسانية والوطنية والتراثية أيضا تجاه النبي الأكرم في أهل بيته الكرام.. والتي تتمثل في المرئيات التالية:

1. إنشاء لجنة من كبار علماء البلاد الإسلامية تكون مهمتها تخصصية ومحدودة بقضية البقيع والمطالبة بإعادة بنائها بعيدا عن سياسات الدول والتخندقات الإقليمية.

2. التحرك إعلاميا ودوليا وعبر الوجهاء المحليين وفي العالم كله للحفاظ على جذوة القضية وعدم إهمالها بلغ الأمر ما بلغ.

3. ينبغي لحاملي هذه الراية أن لا يغفلوا ملف المقدسات الإسلامية بشكل عام. ومنها سامراء الصامدة بوجه الدواعش. ومنها المسجد الأقصى الصامد بوجه الصهاينة.

4. رغم الأحداث الثقيلة التي تشهدها المنطقة في منعطفها التاريخي الحديث.. فإن الغفلة أو التغافل عن البقيع وسامراء والقدس وغيرها لن يخدم السياسيين في إيران والعراق ولبنان وغيرها حتى في المنظور السياسي!!
فماذا يضرهم لو جعلوا هذه القضية المؤلمة في مقدمة اهتماماتهم وعلى جدول مفاوضاتهم السرية والعلنية فكسبوا العواطف الدينية للجماهير الولائية إليهم؟!

5. إن من الفرائض الأولية وثوابت النجاح في المهام الكبيرة أن يسمو الرجال القياديون عن سفاسف الأمور ويتحدوا في المشتركات ويتعاونوا لتوسيع مساحاتها أمام التحديات الكبرى والمخاطر العامة. وعلى هذا الأساس.. نرى من حق المستضعفين الموالين لأهل بيت الرسول أن يتطلعوا إلى اليوم الذي يقف رجالهم تحت سقف الأخوة الإيمانية ويقولوا للجهلاء والمتطرفين والسطحيين: كلا.. كلا للتمزيق. فهذا بقيعنا يستنهض غيرتنا وتلك ملفات المنطقة تنتظرنا.. وللهمم العالية رجالها!!

سائلين من الله العلي القدير أن يوفق المسلمين جميعا.. وأتباع مذهب أهل البيت خصوصا إلى إحياء ذكرى فاجعة البقيع بهذه النظرة الاستراتيجية وهم لا ينسون واجباتهم الشرعية ومسؤولياتهم العملية تجاهها.. كما لا ينسون أجرهم عند الله وشفاعة رسوله وأهل البيت (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين).

الفقير إلى الله الغني:
عبدالعظيم المهتدي البحراني

6/شوال/1435
2014/8/3

للاعلى