إلى طلَّاب المدارس:
هذه رسالتكم في عطلة الصيف

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أحبتي الكرام.. الذين هم اليوم صغار قوم ويوشك أن يكونوا كبار قوم آخرين..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحيةٌ من قلبي المحب إلى قلوبكم الطيبة.. داعيًا لكم أن يحفظكم الله من كُلِّ شَرٍّ ويوفقكم إلى كُلِّ خيرٍ لتذوقوا طعم السعادة المحدودة بالدنيا وتكونوا قرَّة أعين آبائكم وامهاتكم فيها، ومن صُنَّاع الأسرة الصالحة ورجال المجتمع المزدهر وقادة الوطن الآمن.. في حياة منزوعة الجهل والظلم والرعب والألم.. تنتهي إلى حياة السعادة الأبدية في الجنة باذن الله تعالى.

وأما بعد:

لقد انتهى الموسم الدراسي وأغلقت المدارس أبوابها.. وأصبحت الصفوف خالية منكم حتَّى عام دراسي جديد تأتونه سالمين وغانمين.

كُلِّي رجاء يا أولادي الأعزاء أن تقراوا رسالتكم التي أسطرها اليكم هنا بعين الاهتمام والتفكير والعزم على أخذها منهاجًا في سلوككم.. حيث الكلام النابع من القلب والمطابق للفطرة تتقبله قلوبكم النظيفة وتؤيده فطرتكم السليمة ثم لا تبقى بينكم وبينه إلا الإرادة لتنفيذه وأنتم لها ورجاله.

أحبتي.. أكتب لكم نصائح من خلاصة قراءاتي وتجاربي التي عشتها على امتداد (48) عامًا منذ دخولي الصف الأول الابتدائي:

1. اجعلوا الإيمان بالله العادل الحكيم والطاعة للنبي الأمين ولأوصيائه الطاهرين والاعتقاد بيوم القيامة يوم الدين هو الأساس الصلب في جميع منطلقاتكم. ثم اعلموا أنكم في هذه الحياة إنما لأجل هدف أسمى مما تراه أعينكم.. فلا تكونوا ممن (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ). انظروا الى الجنة التي خلقتم لاجلها وفيها من اللذات الأبدية ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
اجل.. و(لِمِثْلِ هَٰذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ) حيث (خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ).

2. قرِّروا أن تكونوا الأفضل دائمًا في كُلِّ خير.. فأن يَخْضَرَّ وجودكم بالأزهار والأثمار يحتاج منكم أحسن القرار.. ويكمن ذلك في عدم القبول بالشيطان جزءًا من حياتكم!!
اطردوه كما طرده الله الذي خلقكم ولازال هو يرزقكم وبيده الخير وهو على كُلِّ شيءٍ قدير.
وإذا قال لكم البعض: كيف يريدنا الله أن نميل إليه وقد خلق لنا هذا العدو؟!
قولوا له: إنَّ التسلُّقَ إلى القمم والفوز بلقب البطولة العالمية في كُلِّ المجالات الرياضية والعلمية والمالية والتكنولوجية والإدارية مثلا لابدَّ فيه من جهد وتعب وعدم التنازل عن قرار الفوز بتسديد الهدف.. وهكذا يكون الفوز بالجنَّة وراحتها الدائمة من خلال مقاومة الشيطان. فلولاه ولولا شرُّه والنار التي في انتظاره والعذاب المعد لأتباعه لما كان الإنسان يعرف قيمة الايمان بالله والتسارع الى الخير وبلوغ الجنة التي تشتاق إلى المكافحين الأبطال. فالأشياء تعرف بأضدادها.. وهنا دار العمل والاخرة دار الحصاد.. أليس كذلك؟!

3. آمنوا بقدراتكم ولا تنسوا أنَّ العظماء في طول التاريخ لم يولدوا عظماءا من بطون أمَّهاتهم -إلَّا الأنبياء والأئمة الطاهرين من آل بيت النبي محمد (صلوات الله عليهم اجمعين)- وإنَّما عظماء البشر ساروا على الدرب بجهودهم الذاتية حتى وصلوا الى غاياتهم النبيلة.. فما عليكم إلَّا الجد والاجتهاد.. وهو في البداية قد يكون ثقيلًا بعض الشيء.. ولكنَّه مع التدريج سيكون لذيذًا في كُلِّ شيءٍ.

4. حينما تقرِّرون السير في طريق العظمة ونيل وسام البطولة تذكَّروا أنَّ القرار الصحيح -بعد وعيكم للرؤية الصحيحة إلى الحياة والخلقة والهدف والتي ذكرتها لكم- تحتاجون فيه إلى مجموعة خطوات عملية تكون كالتالي:

ألف/ املئوا فراغكم بالبرامج المفيدة.. مثل القراءة في الثقافة الإسلامية والمعلومات التاريخية والقضايا الحياتية المعاصرة. ومثل الصداقة مع أشخاص يؤمنون بالأهداف التي بينتها لكم. ومثل اللقاء بالعلماء الربانيين والمثقفين الصالحين للاستفادة من علومهم وتجاربهم وقصصهم ومواعظهم. ومثل مشاهدة القنوات الإسلامية أو العلمية أو الوثائقية أو ما ينفعكم لمعرفة تطورات زمانكم كالنشرات الخبرية وما أشبه من غير مشاهدة المثيرات للحرام والموبقات.

باء/ احذروا من المخططات التي ترسم لصيدكم عبر العلاقات الجنسية المحرمة ومجالس التدخين والتشييش التي غالبًا تؤدي بمن يرتادونها إلى المخدرات والدعارة والفسق ثم الموت الذليل والى قبر مليء بالعذاب حتى يوم القيامة. فليكن حذركم من أصدقاء السوء الذين يستميلونكم بخدمة يقدمونها اليكم وابتسامة ثم اخذ الرقم ثم التواصل (بالچت) ثم الدعوة الى خلوة في رذيلة.. ويقولون: ما هي الا تجربة ولو لمرة واحدة.. ولكنها هي هذه الواحدة التي تتكرر إلى حيث الفخ الذي لا مفر منه.

جيم/ احترموا آباءكم وأمهاتكم وتواضعوا لِكُلِّ من ينصحكم ويُحِبُّ سعادتكم.. ضعوهم في صورة أحوالكم وصارحوهم بهمومكم وأسراركم كي يقدِّموا لكم المساعدة الفكرية أو النفسية أو العملية المطلوبة على حسب مقدورهم ومجالاتهم. وسترون منهم الخير ان شاء الله.

دال/ من الآن تهيأوا لعامكم الدراسي القادم بروح إيجابية أقوى، وعزم للدراسة باهتمام وتطلّع أسمى، وأبصاركم نحو أعلى المرتقيات العلميـة.
فلا تكتفوا بحدّ وقيمتـكــم في الأحسـن.. والقرآن الكـريــم قد حثّـكـم على التقدم العلمي المستمر: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا).

وفي الختام..

إن كنتُ (أنا) قد أفدتُّكم بهذه النصائح واقتنعتم بها.. أعيدوا قراءتها ولو لمرة كي ترتكز مضامينها الرشيدة في روافد نفوسكم وتتبدَّل إلى سلوك عملي يميزكم عن سلوك الفاشلين.

تعالوا معي إلى حيث التفوق بالأخلاق الحسنة وصناعة الأمل بمستقبل واعد وهنيء.. مستقبل لا إرهاب فيه ولا تخلف.. لا ديكتاتورية فيه ولا حمقى ولا سفلة وأنذال في اشكال بشر.. مستقبل الاسلام الحقيقي الذي يقوده منقذ الإنسان ورائد الإنسانية الإمام المهـدي (عَجّلَ اللهُ فَرَجَهُ الشّريف) حفيد النبي محمد (صَلّى اللهُ عَلَيهِ وآلِه).

فكونوا من العارفين بـه حق المعرفة، وأعدوا أنفسكم لدولتـه الكريمة التي يملأ بها الأرض قسـطاً وعـدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجــوراً.

العطـلـة الصيفيـة في هذا العام قـد احتضنت شهـر رمضـان المـبـارك..
فاحتضـنــوه بالتقـرّب إلى الله وكثـرة تـلاوة الـقـرآن الـكـريــم مع التفكـر في آيـاتــه..
إنّـه شهـر عظيـم بكـل المعـاييـر، وفيـه ليلـة القــدر التي هي خـيـر من ألف شهـر..
فلا تـودعــوه إلى العيـد إلا بجـائــزة التـقـوى، (وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ).

اللهم احفظ ابناءنا من شرِّ فسقة العرب والعجم بجاه النبي محمد وآله سادات الأمم. إنَّك مجيب الدعاء وكنت بنا رؤوفًا يا مصدر الخير والكرم.

واخيرا ايها اليافعون والشباب الطيبون.. اذا عجبكم هذا البيان لا تدعوه يقف عندكم.. اكتسبوا اجرا عظيما من نشره في اوسع نطاق على مستوى العالم كله. فهذا رسول الاسلام المبعوث رحمة للعالمين قال لوصيه وخليفته على امته الامام علي (عليه السلام):
“يا علي.. والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت”.

مع تحيات:
عبدالعظيم المهتدي البحراني
20/شهر شعبان/1435
2014/6/19

للاعلى