*من الجمعة إلى الجمعة*
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة
العدد (28)
*سؤال رقم (1): من العراق.*
أنا أعمل بائعًا عند صاحب محل، وفي جوارنا محلّ يبيع نفس البضاعة وبسعرٍ أقل. حينما يأتيني المشتري يدفعني ضميري أن أرسله للشراء من المحل المجاور، ولكن إذا فعلتُ ذلك ستبقى بضاعة صاحبي وأتحوّل أنا في عينه إلى عامل فاشل فيفصلني عن العمل، وربما ذات يوم يكتشف أني أرسل الزبائن للجار فيغرمني!! ما هو حكمي الشرعي؟
*الجواب:*
لا يجب عليك إرسال المشتري إلى محلٍّ آخر، إذ ﻻ إشكال في البيع بسعرٍ أكثر إذا كانت الزيادة بالقدر المتعارَف عليه. نعم إذا كنتَ مُخَوَّلاً من صاحب المحلّ بشيءٍ من تقليل سعر البضاعة فحاوِلْ أن تُقلِّل للمشتري بالحدّ المُخوَّل فيه.
*سؤال رقم (2): من البحرين.*
زوجتي ومن دون رضاي سافرتْ مع شقيقها وأمّها إلى كربلاء لزيارة الأربعين الحسيني، ما حكم زيارتها؟
*الجواب:*
هي مذنبة وسفرها سفر معصية، إذ لا يُقدَّم المستحب على الواجب وهو هنا طاعة الزوج في خصوص الخروج من البيت. ولكن يصحّ لك أن تتنازل عن حقّك الشرعي هنا، فزائرة الإمام الحسين (عليه السلام) ما دامتْ خرجتْ مع محارمها تستحقّ منك أن تتلقّىٰ منك اتصال بالرضا عنها، وهي بالتأكيد ستدعو لك تحت قبّة الحرم الحسيني حيث يُستجاب الدعاء تحتها. ولا أتصوّر ستنساك من هديّة الزيارة وأكثر منها هو حبّها لموقفك.
*سؤال رقم (3): من الكويت.*
ما هو تفسيركم لهذه الآية (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)؟
*الجواب:*
هي الآية الوحيدة التي جمعتْ في ألفاظها إسم الحبيب (محمّد) وأنه (رسول الله) وأنه (خاتم النبيّين)، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى نَفَتْ الآية كونه (صلى الله عليه وآله) أبًا لأحد، والمعنيّ هنا هو (زيد بن حارثة) الذي تبنّاه الرسول الأكرم صغيرًا، وإنّما هو أبٌ لمن يخرج من صلبه الطاهر مثلُ فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين وذريّتها والتي تبدأ من سبطَيْه الحسن والحسين.. كما دلّت عليه آية المباهلة (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ).
فالآية تردّ على مُبغِضي أهل بيت النبيّ لمحاولتهم إدخال الآخرين بينهم كي يشتّتوا المسلمين على عدّة أبواب فيقلّ عدد الذين يطرقون باب العترة النبويّة الطاهرة!!
هذه الآية فضحتْ مؤامرةً كانت تُرَوَّج في زمن الرسول لتضعيف دور الإمامة في قيادة الأمّة من بعده.. مؤكِّدةً على أنّ الوحي حتى وإنِ انقطع برحيل خاتم النبيّين سوف يجد المسلمون تفسيره وتأويله عند الأئمة الراسخين في العلم من أهل بيته الذين يهدون بأمر الله لمّا صبروا على الطاعة والتقوى ويصبرون على ظلم الأعداء لهم. فهم الأجدر بوراثة جدّهم.
*سؤال رقم (4): من الدنمارك.*
إذا وضعتُ كِريمًا على موضعٍ من جسمي وأصابتْه نجاسة، وغسلتُه دون أن يذهب الأثر الدُّهني للكِريم.. فهل يتطهّر ذلك الموضع؟
*الجواب:*
يتطهّر إذا كانت دسومة الكِريم غير سائلة، وأمّا إذا كانت الدسومة سائلة فالواجب للتطهير إزالتها.
*سؤال رقم (5): من البحرين.*
تزدحم كربلاء في الزيارات الكبيرة مثل يوم عاشوراء والأربعين ويوم عرفة فلا تصل أيادينا إلى الضريح الشريف، وربما حتى النظر إليه يصعب علينا.. بينما السفر في غير هذه المناسبات نتبرّك بلمس الضريح، فهل الأفضل السفر إلى كربلاء في المناسبات حتى لو لم نتوفّق للضريح أم في غير المناسبات ونحن نتوفّق؟
*الجواب:*
حينما أكّد أئمة أهل بيت النبيّ (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) على نَدْبِيّة الزيارة في تلك المناسبات كانوا يعرفون كم ستزدحم شيعتُهم على الوصول إلى الحرم الحسيني وأنّ كثيرًا منهم سيُحرَمون من لمس الضريح المبارك.. مع ذلك فقد رجّحوا الزيارة المزدحمة، لأنّها أكثر بروزًا في أنظار الناس والرأي العام العالمي وأروع تجسيدًا لقوّة الولاء والعقيدة وأشدّ تأثيرًا في هدايتهم إلى منهج محمّد وآل محمّد. وهذا هو المغزى من شعائرهم المقدّسة، فما أكثر الذين انتموا إليهم لمّا رأوا هذه الشعائر وتسائلوا عن سرّها فاكتشفوا الإجابات التي هَدَتْهم إلى حقيقة الإمام الحسين (عليه السلام) ثم صاروا يتمسّكون بعروته الوثقى. وهذا هو الجزء الأساس من هدف الإنتداب للزيارة.. وليس الهدف أن تلمس الأيادي بالضريح الشريف، ولو أنّ هذا أيضًا مطلوب ولكن لا على حساب الغاية الأهمّ.
*سؤال رقم (6): من الكويت.*
معذرةً شيخنا.. أحببتُ أن توضّحوا لي معنى (عالَم الذّرّ) وهل له علاقة بالحمض النووي. وشكرًا لكم؟
*الجواب:*
لِعالَم الذرّ عدّة معاني في رواياتنا الشريفة.. أشهرها الذي يعني كينونة بني آدم في صلب آدم إلى أن يخرجهم الله منه كالذرّ يعني صغائر الأجسام.
تلك الذرّات هي البذور الأوّلية لانتاج البشر بالولادة، وهي تشبه بذور الزّرع وما تنتج في تكاثرها الطبيعي.
ويبدو من ظاهر الروايات أنها قبل نزولها إلى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات تكون مجتمعةً في عالَمٍ واحد ثم يُصدِر الله إليها أوامره للخروج إلى الأصلاب والأرحام بالتدريج ليتكوّن منها الإنسان.
ولعلّها هي الأرواح المؤمنة التي ترافق بدن الإنسان طول حياته، ولعلّها هي النفس الإنسانيّة التي يسمّيها القرآن الفطرة في قوله: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
ولا أستبعد علاقة هذا العالَم الذرّي بالحمض النووي حسب قرائتي القليلة حول هذا المُكتشَف العلمي. والله العالم.
*سؤال رقم (7): من البحرين.*
حاليًّا تنتشر لدينا ظاهرة السفر إلى العمرة أو المدينة أو العراق وما أشبه عبر سيارات جيب (GMC)، ويكون السائق بطبيعة الحال رجل وفي السيارة نساء جالسات في المقاعد الخلفيّة.
فهل يجوز هذا الأمر؟ خصوصًا أنّ أغلب النسوة يسافرن بدون مَحْرَمٍ من رجالهنّ، وهذا يصدق عليه نوع من الخلوة كما يبدو لي. وتعرفون المهازل التي تحصل في الطريق أحيانًا وفي كربلاء للأسف، وقد انتهكوا حُرمتها المقدّسة حسب المعلومات الورادة!
*الجواب:*
لا إشكال للنساء في السفر إلى العتبات المقدّسة وحتى السفرات المُحلَّلة الأخرى بصورة جماعيّة ويكون السائق رجلًا أجنبيًّا بشرط أن لا تحدث بينه وبينهنّ أمورٌ من المحرّمات. وليس هذا نوعٌ من الخلوة طبعًا، لأنّ الخلوة المحرَّمة هي اجتماع امرأةٍ واحدة مع رجلٍ أجنبيّ عنها في مكانٍ مغلق.
وأمّا المهازل:
• فمواردها قليلة حتمًا.. لأن هناك نساء محترمات كثيرات يسافرن أيضًا بنفس الطريقة. فلا نستطيع وصف الأكثريّة بصفة الأقليّة.
• ليس لدينا حلّ مع هذه القلّة اللّاتي يذهبن للمهازل إلّا تكثيف النهي عن المنكر عبر الأخريات المحترمات، وأن يُخَوَّفْنَ بإخبار أزواجهنّ أو إخوانهنّ أو آبائهنّ مثلًا فيما لو فعلن ما يخلّ الآداب.
• أنا بدوري أقول لهذه النساء القليلات الحياء وهؤلاء الرجال التابعين للأهواء:
إتّقوا الله وخافوا من عذابه وأنتم غير ضامنين لحياتكم، تذكّروا مَن قد باغَتَهُم الموت ففتحوا أعينهم تحت لَحْد القبور.
اتّعِضوا من حوادث السّير، وحوادث الخطف، وحوادث التفجير، وحوادث موت الفجأة بالجلطة والسّكتة.. كيف تواجهون الله في ساعات الاحتضار ومن داخل القبر وما قد يخرج إلى الناس من أخبار الفضائح -والعياذ بالله- وأنتم في البرزخ مُتألِّمون!!
جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه:
قال النبيُّ (صَلّىٰ الله عَلَـيْهِ وَآلِـه) لجبرائيل: عِظْنيِ. فقال: “يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيّتٌ، وَأَحْبِبْ مِا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلاقِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ صَلاتُه بِاللَّيْلِ، وَعِزُّهُ كَفُّهُ عَنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ”.
*سؤال رقم (8): من كندا.*
على ضوء سفر المعمّم البحريني إلى فلسطين المحتلّة وتناقضاته في الدفاع عن نفسه أمام كثافة الانتقادات التي انهالتْ عليه.. لماذا لا نعالج نحن الشيعة مثل هذه (الفَشْلات) من بدايتها عبر:
1/ اختبار نسبة الفطنة فيمن يتعمّم، فإذا كان غبيًّا تمتنع الحوزة عن قبوله.
2/ إنشاء مؤسسة علمائيّة قادرة عمليًّا على خلع عمامة مَن ليس بمستوى رسالتها.
شيخنا العزيز.. هل توافقوني على فكرتي؟
*الجواب:*
فكرة ممتازة. وقد كتبتُ حولها قبل عشرين عامًا في كتابي (شؤون علمائيّة بين السائل والمجيب).
ولكن لا يمكن تطبيقها في كلّ البلدان وكلّ المدارس الحوزويّة، لأن هناك مساحات واسعة من الحرّيات الشخصيّة التي وفّرتْ فرصًا لمتاجرة البعض بالعمامة والارتزاق من المنبر الحسيني.
فلا يمكن منع السذّج والمغفَّلين وحتى المدسوسين من الذهاب إلى السوق وشراء العمامة والجُبّة والعباية الجاهزة. إلا بإيجاد وضعٍ صحّي في جسم الحوزة ومؤسساتها وأساتذتها بالوعي لمناعتها الداخلية حتى ترفض كلّ عنصرٍ غريبٍ وشاذّ. ويكون طرفٌ من هذا الوضع الصحّي حاضرًا في الوسط الشعبي كي يلفظ هو بدوره كلّ معمّمٍ يتصرّف بغباء ويتحدّى شعائر الإسلام ومشاعر الأمّة.
وإلى هذا الحلّ قد أشار النبيّ الكريم (صلى الله عليه وآله) في قوله: أوحى الله إلى داود (عليه السلام):
“لا تجعل بيني وبينك عالِماً مفتوناً بالدّنيا فيصُدُّك عن طريق محبّتي، فإنّ أولئك قطَّاع طريق عباديَ المريدين. إنّ أدنىٰ ما أنا صانعٌ بهم أنْ أنزِعَ حلاوةَ مناجاتي عن قلوبهم”.
وأكّد عليه حفيده الإمام الصادق (عليه السلام) قائلًا: “إذا رأيتُم العالِمَ مُحبِّا لدنياه فاتّهموه على دينِكم، فإنّ كلَّ مُحِبٍّ لشيءٍ يحوط ما أحَبّ”.
√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.
للاعلى