*من الجمعة إلى الجمعة*
أسئلة واردة وأجوبة مختصرة
*العدد (24)*
*سؤال رقم (1): من الكويت.*
هل أن شهرَ صفر شهرُ نحسٍ؟ وما المشكلة إذا كان يقع فيه الزواج؟
*الجواب:*
حسب علمي ليس في روايات أهل البيت (عليهم السلام) شيءٌ اسمُه “النّحس”.. وقد أمرونا بالصدقة لدفع البلاء.
نعم توجد أيام وليالي ذات آثار فَلَكيّة ترسل إشعاعات سلبيّة على الجنين مثلاً فتشوّهه.. لهذا صار الزواج -بمعنى انعقاد النطفة- مكروهاً في تلك الأوقات التي ذكرتها الروايات الشريفة.
وأحياناً تكون الكراهة بسبب حَدَثٍ فجيع وقع في ذلك الوقت مثل تواريخ وفيات المعصومين (عليهم السلام) ومثل واقعة كربلاء الدامية التي تبدأ أحزانها من شهر محرّم إلى نهاية شهر صفر.. فيكون الزواج فيهما غير منسجمٍ مع آداب الحزن في مواساة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الذي أمرنا الله تعالى بالمودّة لقرباه. والمتزوّج في هذَيْن الشهرَيْن -باعتبار الزواج فرحٌ وسرور- يكشف عن ضعف عقيدته وسوء تربيته، فيفتح بذلك على نفسه باب المشاكل، ويزيد عليه سخط الموالين المشغولين بالحزن على مصائب محمد وآل محمد (صلوات الله عليه وعليهم) فتتولّد من تجاسره طاقة سلبيّة تسلبه السعادة الزوجية.
فالنّحس بهذا المعنى عُرفيٌّ وليس من المفاهيم المنصوص عليها عترويّاً.
نعم.. هناك رواية ذكرها المرحوم الفيض الكاشاني وكذلك المحدّث القمّي في كتابه (مفاتيح الجنان) حول نحوسة شهر صفر وطريقة دفعها بقراءة هذا الدعاء عشر مرّات في كلّ يوم: “يا شَديدَ الْقُوىٰ وَيا شَديدَ الْمِحالِ ، يا عَزيزُ يا عَزيزُ يا عَزيزُ ، ذَلَّتْ بِعَظَمَتِكَ جَميعُ خَلْقِكَ ، فَاكْفِني شَرَّ خَلْقِكَ ، يِا مُحْسِنُ يا مُجْمِلُ يا مُنْعِمُ يا مُفْضِلُ ، يا لا اِلهَ اِلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنينَ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ”.
وهذه الرواية تُحمَل على الشرح الذي ذكرناه وليس بمعنى وجود نحوسة ذاتيّة لهذا الشهر. والله العالم.
*سؤال رقم (2): من ايران.*
من المعلوم أنّ الصلاة في لباس أسود مكروه، فماذا عن الصلوات التي نصلّيها في أيام شهر محرّم وصفر في اللباس الأسود؟
*الجواب:*
تسقط عنه الكراهة في هذَيْن الشهرَيْن وغيرهما لرجحان الحزن على النبيّ الأكرم وأهل بيته عمومًا وعلى الإمام الحسين خصوصًا، ذلك إن كان يصلّي في العلن. وأما لو كان يصلّي في خلوة فيستطيع لبس الأبيض لانتفاء هذه الضرورة الشعائريّة.
فالمدار هنا هو العنوان الشعائري للحزن على مصائب محمد وآل محمد (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) تطبيقًا لقوله تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).
*سؤال رقم (3): من اليمن.*
هل يجوز أن آخُذ إلى البيت من بركات الإمام الحسين (عليه السلام) التي تُوزَّع في المجالس من خبزٍ أو رُزّ أو غير ذلك ، دون علم متولّي المجلس؟
*الجواب:*
نعم يجوز إلا في حال إعلان المتولّي بعدم رضاه، أو العلم بذلك من طريق آخر. وفي حال الشك والتردّد -أنه راضٍ أم لا- يُفضَّل السؤال منه والإستئذان.
*سؤال رقم (4): من البحرين.*
كثرتْ بالآونة الأخيرة في برامج التواصل الاجتماعي والقروبات المشتركة بين الرجال والنساء زملاء وزميلات أو أقارب عند التعليق على موضوعٍ مّا يكتبون عبارات مثل: أحسنت يا غلاي.. ويا روعاتك.. ويا ضِلعتي أو ضلعي.. وكذلك الضحك والمزح…
أتمنّى -شيخنا- أن تسلّطوا الضوء على هذه الظاهرة السيّئة بكلام من جنابكم الموقّر، وخاصّة أنّها تجري بين الذكور والإناث من غير الأهل والمحارم.
ومع الأسف بعضهم محسوبون على المتديّنين ومتحجّبات!!
*الجواب:*
عند غياب ثقافة الإسلام وشيوع الجهل بآداب الكلام تظهر ثقافة الإستهتار لتمييع القيم الأخلاقيّة. وهذا جزء من مساوئ الإختلاط بين الجنسَيْن في المجالس العائليّة وأماكن العمل والأسواق وما أشبه والتي ظهرت آثاره في القروبات الواتسابيّة المشتركة ومحادثات الإنترنت…
ولا فرق هنا بين مَن لَبَسَ ثوب الدّين فاستهتر ، أو لَبَسَ ثوب الدّنيا ، فالشيطان يُزيّن الطريق. بل الذي يلبس ثوب الدّين مُعرَّضٌ إلى الإغواء من الشيطان أكثر من غيره وبلا شك يكون عقابه أشدّ عند الله، لأنه أضرّ بسمعة الدّين وجعل بعمله السيّء أناسًا يفهمون الدّين بهذه الطريقة المزيّفة وآخرون يفرّون من دين الله.
وحسب ما تأتينا من مشاكل عائليّة وصلت بعضها إلى الطلاق وجدنا نسبةً كبيرةً منها تعود إلى هذا الانفتاح بين الجنسَيْن وتبادل المزاح والضحك والألفاظ المريبة.
نأسف على هؤلاء كيف يجلبون لأنفسهم الشقاء والعناء بسبب هكذا محادثات محرَّمة.
*سؤال رقم (5): من العراق.*
سماحة الشيخ بماذا تنصحون المُعزّين في شهر محرّم الحرام كي ينتفعوا من إحيائهم  للشعائر الحسينيّة؟
*الجواب:*
1/ أن يستشعروا الحزن العميق في هذه المصيبة التي أبكتْ ملائكة السماوات والأرض.. وبكى عليها الأنبياء والأوصياء والأولياء قبل وبعد وقوعها.
2/ أن يبكوا فإنّ البكاء يُذهِب بقسوة القلب، لأنّ القلب القاسي يدفع إلى العنف البغضاء والخلافات. لذلك حثّتْ عليه روايات أهل البيت (عليهم السلام) بقولهم: كلّ العيون باكية في يوم القيامة إلا عين بكتْ في مصيبة الحسين المظلوم.
2/ أن يقرأوا قصة عاشوراء من جميع نواحيها ليتكوّن لديهم وعيٌ يلهمهم الهُدىٰ من سيّد الشهداء سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله).
3/ أن يشاركوا في مواكب العزاء بحضورٍ مكثَّفٍ سواءً داخل الحسينيّات أو خارجها حسب ظروف أيّ بلد.
4/ أن يتعاونوا على إحياء الشعائر الحسينية بأموالهم وأوقاتهم وجهودهم، وبالتفاهم والتنسيق المتواصل بينهم.
5/ أن ينشروا الثقافة الشعائريّة والدعوة إلى فكر أهل البيت (عليهم السلام) بطريقةٍ عقلانيّةٍ هادئةٍ مليئةٍ بعناصر الأخلاق الحسنة واحترام الآخرين. فإنّ الأخلاق والآداب بوّابة الدخول إلى قلوب الناس وجذبهم إلى الحقّ وإقناعهم به.
6/ أن يربّوا أطفالهم على هذه الثقافة الولائيّة بجناحَيْها (الشعائري والفكري) ليكونوا حاملين رسالة الإمام الحسين (عليه السلام) في حياتهم وللأجيال القادمة.
*سؤال رقم (6): من الدنمارك.*
أتمنّى أن أجد عندكم جوابًا لسؤالي هذا حول زواجي من مسيحيّة، سمعتُ من البعض أنه زواج باطل؟
*الجواب:*
ليس باطلًا هذا الزواج إذا وقع بطريقة العقد الشرعيّ في الإسلام.
ولكن حاوِلْ بطيب معاشرتك معها وكلامك حول دين الإسلام العظيم أن تهديها إلى ولاية أهل بيت النبيّ الأكرم فيكون لك الأجر الكبير الذي ذكره أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله: « بعثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى اليمن وقال لي: يا عليّ.. لا تُقاتِلَنّ أحَداً حتّى تدعوه، وأيْمُ الله لأنْ يَهْدِيَ اللهُ على يدَيْك رجلًا، خيرٌ لكَ ممّا طلعتْ عليه الشمسُ وغَرُبَتْ، ولك ولائُه يا عليّ ».
*سؤال رقم (7): من البحرين.*
هل يجوز للزوجة أن تذهب إلى المأتم بدون رضا زوجها؟
*الجواب:*
رضا الزوج شرطٌ أساسيٌّ في ذلك، ومخالفتها له في الخروج من المنزل عملٌ غير جائز. وإذا أجازها يجب عليها الالتزام بساعة الرجوع فلا تتأخر عنه وتُحرِمه عن حقوقه الواجبة عليها.
وكذلك على الزوج أن يؤدّي حقوق زوجته ويهتمّ بها ويكسب ودّها ومحبّتها. وإذا تضاربتْ آرائهما في شيءٍ تَفاهَما باحترامٍ متبادل وأعصابٍ هادئة.
*سؤال رقم (8): من البحرين.*
ما هو تحليلكم لظهور سلوكيّات غريبة من بعض الأفراد المشاركين في العزاء الحسيني؟!
*الجواب:*
قسمٌ من هذه السلوكيات يعود إلى عادات الشعوب نفسها منذ القِدَم، ومع ظهور أجهزة التصوير والنشر صرنا نشاهد ونستغرب وربما بعضنا يستهزء، وهذا ليس من أخلاق المؤمنين. ولعلّ تلك الشعوب أيضًا تستغرب من بعض ما يشاهدونه منّا!!
موقفنا من هذا القسم هو احترام الثقافات التي تكوّنتْ لدى الناس من واقع المباحات الشرعية فنلتزم بحقوقهم في الحرّيات ما لم تصل إلى المحرّمات المتَّفق عليها بين الفقهاء. خاصّةً إذا عرفنا أنّ التصاوير غالبًا تُنشَر مبتورةً لغرض الاستهزاء بينما لو رأينا ذلك السلوك كاملًا لعرفنا المغزىٰ عندهم وقبلناه.
وقسمٌ آخر من هذه السلوكيّات المشتمل على المحرّمات يكون من صنيعة الجهل بأحكام الدّين، وربما يشجّع عليه الأعداء من خلف الكواليس ليسفّهوا بنا ويجيّشوا الرأي العام ضدّ الشعائر الحسينيّة الأصيلة ثم يُشغِلوا محبّي أهل البيت بالخلافات والعداوات بينهم.
موقفنا هنا بعد التأكّد من كونه ليس من القسم الأوّل هو ما يلي:
1/ أن يبيّن العلماء بأقلامهم والخطباء بمنابرهم المعايير الفقهيّة في القبول أو الرفض لكلّ ما يُعرَف بالشعائر.
2/ أن يمتنع المؤمنون من الإتيان بأيّ جديد في الشعائر إلّا بعد الإستفتاء من المراجع الشعائريّين العارفين بزمانهم أو إستشارة وكلائهم المواكبين لتطوّرات الأمور.
3/ أن ينشر النشطاء الإعلاميّون ثقافة الشعائر الهادفة والتحذير من المخطّطات الرامية للتفريغ والتسفيه.
4/ أن يقوم الغيارى عند مشاهدة أي سلوكٍ خارجٍ عن إطار فتاوى المراجع العدول بواجب النصيحة بالّتي هي أحسن وإنْ عانَدَ المغفَّلون يمنعوهم بالأسلوب العملي المناسب.
√√ وحتى الجمعة القادمة…
نستودعكم الله.
للاعلى